آخر الأخبار

النجادات يكتب : الملك عبدالله الثاني بن الحسين من ستراسبورغ إعادة تشكيل العالم بالقيم وتأثيثه بالإنسانية

{title}
22 الإعلامي   -

22 الاعلامي - بقلم : علي سليمان النجادات



زمن رمادي تتآكل فيه المعايير وتُهشم فيه القيم وتتراخى فيه الإرادات، يتناسل من روحه الوجود على نحو كارثة محتملة، ومما يضاعف من وحشية المشهد أن تُعول فيه القوة على القيم.



 ليس سهلاً على الإنسان أن تتحول حياته من كونها حلماً إلى ضرب من الوهم، الإنسان لا يعيش من غير حلم يستدعيه خياله على الدوام، وليكن حلماً مستحيلاً صعب المنال على أن يكون وهماً يكتشفه في لحظة يأس مدوي.



تنبأ عدد كبير من الفلاسفة بإنهيار القيم والأخلاق ومن ثم إنهيار العالم، وذلك نتيجة للتغيرات إلإجتماعية والإقتصادية والسياسية، وأُخرى تتعلق بالنزعة الفردية والتطور التكنولوجي والتأثيرات السياسية، التي تؤدي بدورها إلى تآكل المعايير الأخلاقية التي كانت توجه الإنسان والمجتمع.



مما يؤسف له في هذا العالم المضطرب اننا نعيش في فراغ أخلاقي كبير، تغيب فيه القدرة على التمييز بين الحق والباطل أو بين الصديق والعدو أو بين الحقيقي والمزيف، وهذه من أخطر الظواهر المعاصرة التي تحدث عنها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في كلمته أمام البرلمان الأوروبي.



 لقد جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين أمام البرلمان الأوروبي كإعلان أخلاقي صريح يُشخص عمق الإنهيار الذي نعيشه ويعيد طرح السؤال الجوهري : هل تُبنى السياسات اليوم على القيم أم على القوة؟ وقد أجاب عنه جلالته بطريقة عميقة وراهنه عندما قال انتم في أوروبا بعد الحرب لم تعولوا على القوة بل على الكرامة الإنسانية والقيم والقانون والإحترام والتعاون.



وفي كلمته أشار جلالته إلى المأساة الإنسانية المتفاقمة التي تعيشها غزة والضفة الغربية، منتقداً السياسات الإسرائيلية التي تتنافى مع القانون الدولي وحقوق الإنسان، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني يستحق الحرية والعيش بكرامة في دولة مستقلة ذات سيادة.



وقد حذر جلالته من تداعيات توسع التصعيد ليطال أطرافاً إقليمية مثل إيران، معتبراً أن إستمرار العنف لا يهدد أمن المنطقة فحسب، بل يهدد الشعوب في كل مكان.



وأكد الملك عبدالله الثاني بن الحسين ان الأردن بقيادته الهاشمية وموقعة المحوري، سيبقى صوت العقل والحكمة في منطقة تموج بالتحديات، مشدداً على إستمرار المملكة في لعب دور الوسيط النزية، والداعم الثابت لكل جهد يفضي إلى الإستقرار والعدالة.



لقد جاءت كلمة الملك صوتاً نادراً في فضاء مزدحم بالمناورات، صوتاً يذكر أن الإنسان هو جوهر السياسة وأن الكرامة الإنسانية يجب ان تكون الأساس الذي يبنى عليه أي نظام عالمي.



علي سليمان النجادات