آخر الأخبار

سلهب تكتب : من هم الساميون؟ الحقيقة التي لا يريدون سماعها!

{title}
22 الإعلامي   -

22 الاعلامي - بقلم د. آلاء سلهب التميمي



تُسكت الأصوات، يُخنق الحق، وتُشوَّه المفاهيم، وكل ذلك تحت عنوان واحد"معاداة السامية”.



لكن السؤال البسيط الذي لا يُطرح هو من هم الساميون أصلًا؟



الساميون الحقيقيون هم أبناء هذه الأرض، العرب، الفلسطينيون، فهم أصحاب اللغة والتاريخ والجغرافيا، الذين لم يأتوا من وراء البحار، بل وُلدوا من تراب فلسطين، وشربوا من نهر الأردن، وحملوا حضارة هذه المنطقة منذ آلاف السنين.



أما أولئك الذين يدّعون اليوم ملكية فلسطين باسم “حق تاريخي”، فهم في غالبيتهم أبناء شعوب اعتنقت اليهودية قبل قرون، وعلى رأسهم يهود الأشكيناز، الذين ينحدرون من الخزر لا من بني إسرائيل القدماء، كما أثبتت العديد من الدراسات الجينية والتاريخية.



فعالم الاجتماع الأمريكي اليهودي رافائيل باتاي قالها بوضوح "لا يوجد شيء اسمه جنس يهودي”، فاليهود المعاصرون هم مزيج من أعراق وشعوب وثقافات.



وأكد أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب، شلومو زاند، في كتابه الشهير اختراع الشعب اليهودي، أن الرواية القومية التي بنتها الصهيونية ليست إلا كذبة كبرى، صيغت لتبرير احتلال فلسطين ونزع الشرعية عن أصحاب الأرض الحقيقيين.



حتى علم الوراثة لم يكن إلى جانب هذه الرواية، فدراسات الباحث اليهودي الأمريكي عيران الحايك أظهرت وجود أصول خزريّة واضحة لدى يهود أوروبا الأشكيناز، مما يقوض فكرة “العودة إلى الجذور” التي تتبناها الحركة الصهيونية.



ومن هنا، يصبح من الضروري أن نُفرّق بين اليهودية كدين، وبين الصهيونية كأيديولوجيا استعمارية.



فقد كان في فلسطين دائمًا وجود ليهود عاشوا جنبًا إلى جنب مع إخوتهم المسلمين والمسيحيين في انسجام وتعايش، ومنهم السامريون في جبل نابلس، الذين يُعتبرون من أقدم الطوائف اليهودية في العالم، ولا يزالون حتى اليوم يحافظون على هويتهم الدينية بعيدًا عن المشروع الصهيوني.



هؤلاء لم يأتوا من وراء البحار، ولم يحتلوا الأرض، بل كانوا ولا يزالون جزءًا من النسيج الفلسطيني المتنوع.



أما أولئك الذين جاءوا على ظهر السفن، واحتلوا الأرض بقوة السلاح، ويُمارسون التهجير والقمع والاستيطان، فهم الصهاينة، وليسوا ممثلين لا لليهودية ولا ليهود العالم.



وللأسف، هم من يحكم اليوم ويشوّه وجه الحقيقة باسم الدين، والدين منهم براء.



ولكي نعود إلى أصل التسمية، فإن “السامية” كمصطلح، يُشير في جذوره إلى مجموعة من الشعوب التي تنتمي لغويًا إلى العائلة السامية، كالآرامية والعبرية والعربية.



ومن هنا، فإن العرب ولا سيما في الجزيرة العربية وبلاد الشام هم الامتداد الأصيل لتلك الشعوب، لغةً وثقافةً وجغرافيا.



بل إن اللغة العربية اليوم تُعدّ اللغة السامية الوحيدة التي لا تزال حيّة ومتواصلة دون انقطاع، والأكثر محافظة على بنيتها الأصلية.



ومع ذلك، تُستخدم عبارة “معاداة السامية” بشكل انتقائي مسيّس، لتكميم الأفواه وحماية الصهيونية من أي نقد، حتى لو جاء من ساميين حقيقيين!



فكيف يُتَّهَم العرب وهم أبناء السامية الحقيقيون بمعاداتها؟



إنّها مفارقةٌ صارخة، وقلبٌ للحقائق، وتشويهٌ متعمد للهويات التاريخية.



فلا يوجد أساس علمي أو تاريخي لفكرة “العرق اليهودي” الموحد، فاليهودية ليست قومية، بل ديانة تجمع بين أفراد من أصول شديدة التنوع.



أما نحن، العرب والفلسطينيون، فنحن أبناء هذه الأرض منذ آلاف السنين، نعيش حقيقتنا في جذورنا، ولسنا بحاجة لاختراع تاريخ كي نثبت من نكون.



آن الأوان أن نُسمي الأشياء بأسمائها، وأن نُدافع عن الحق، ونكسر حاجز الخوف.



نحن الساميون الحقيقيون، وهذه فلسطين أرض وهوية لا يمكن تزويرها.



ليست هذه مجرد كلمات تُكتب، بل صرخة حقيقية في وجه التزييف والتطبيع والتضليل.



لقد آن الأوان أن نستعيد روايتنا، لا من باب الكراهية، بل من باب المعرفة.



لأن من يعرف تاريخه، لا يُهزم ومن يعرف من هو، لا يُضلل



.آلاء سلهب التميمي



كاتبة وباحثة أردنية – ناشطة سياسية رئيسة لجنة المرأة وشؤون الأسرة في الحزب الوطني الإسلامي