آخر الأخبار

الحاوي يكتب : التكنولوجيا التعليمية .. جسر المستقبل بين الإدارة الذكية والمناهج الحديثة

{title}
22 الإعلامي   -

22 الاعلامي - د. يزيد أحمد الحاوي



في عصرٍ تتسارع فيه الابتكارات وتتطور فيه قواعد البيانات يومًا بعد يوم، تقف التكنولوجيا على رأس الأدوات القادرة على إحداث تحول جذري في المنظومات التعليمية، ليس فقط في أساليب التدريس، بل في فلسفة الإدارة وصياغة المناهج على حد سواء.



لقد غادرت التكنولوجيا خانة الترف، وأصبحت ضرورة ملحّة في بناء مدرسة المستقبل، تلك التي تجمع بين جودة المخرجات وكفاءة العمليات، فلم تعد الإدارة التربوية اليوم تُقاس بعدد الأوراق المختومة، بل بقدرتها على التحول الرقمي، واستخدام البيانات، واتخاذ القرارات بناءً على تحليل ذكي للمعلومات.



في هذا السياق، تلعب النظم الإلكترونية، مثل أنظمة إدارة المدارس، دورًا محوريًا في تسهيل المتابعة اليومية، وتوفير الوقت، وتقليل الفاقد، مما يتيح للمسؤول التربوي التركيز على ما هو أهم: جودة التعليم.



أما على صعيد المناهج، فالتكنولوجيا قد أعادت رسم خريطتها بالكامل، لم تعد المناهج حبيسة الورق أو سجينة الغرف الصفية، بل أصبحت تفاعلية، رقمية، متعددة الوسائط، وقابلة للتخصيص بحسب احتياجات المتعلم. وهنا تتجلى أهمية ما يُعرف بـ"التعليم المدمج" الذي يوازن بين التعليم الوجاهي والتقنيات الرقمية، ليخلق بيئة تعليمية أكثر مرونة وتحفيزًا.



ولا يمكن إغفال أثر الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يشق طريقه بقوة في التعليم، سواء من خلال التقييم الذكي للطلبة، أو توليد خطط دراسية تكيفية، أو حتى في تقديم الدعم الفردي للمتعلمين. وهذا يتطلب إدارة تعليمية واعية قادرة على احتضان هذه التحولات وتوظيفها بما يخدم العملية التربوية.



التكامل بين التكنولوجيا والإدارة لا يعني فقط تحديث الأجهزة أو تدريب الكادر على استخدام الحاسوب، بل يتطلب إعادة تعريف لبعض مفاهيم القيادة التربوية، بحيث تصبح قيادة استشرافية، تتبنى الحلول الرقمية كرافعة أساسية للتطوير.



أما المناهج، فلا بد أن تُعاد كتابتها بلغة المستقبل، حيث يكون التفكير النقدي، والابتكار، وحل المشكلات، والبرمجة، والذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من المقررات، وليس مجرد إضافات سطحية.



ولتحقيق هذا الربط العضوي، لا بد من شراكة حقيقية بين وزارة التربية، والمطورين التكنولوجيين، والمؤسسات الأكاديمية. كما يتطلب الأمر قيادة شُجاعة تقرأ المتغيرات وتبني قراراتها ليس على ردود الأفعال، بل على رؤى مستقبلية واضحة.



وختامًا، فإن التكنولوجيا ليست تهديدًا، بل فرصة. فهي فرصة لنقل الإدارة التعليمية من النمط الورقي البطيء إلى الأداء الذكي الفعال، وفرصة لإعادة الحياة إلى المناهج وجعلها أكثر ارتباطًا بواقع الطالب وطموحاته. وبين الإدارة والمناهج، وعطفًا على ما سبق فإن التكنولوجيا جسر لا بديل عنه، يحمل على ضفتيه حلم تعليمٍ أكثر عدالة، كفاءة، وابتكارًا.