آخر الأخبار

الزهيري تكتب : نواف العجارمة… الفارس الذي لا يترجل

{title}
22 الإعلامي   -

22 الاعلامي - بقلم : د. فينان الزهيري



في زمن تكاثرت فيه الأصوات العالية وقلّت فيه المواقف، يثبت الرجال معادنهم لا بكثرة الكلام، بل بالفعل النبيل والموقف الذي يهزّ الضمائر. الدكتور نواف العجارمة، رئيس الاتحاد الأردني للرياضة المدرسية، يكتب اليوم فصلاً جديدًا من فصول النخوة الأردنية الأصيلة، حين قرر أن يتكفل شخصيًا بتكاليف مشاركة فريق فلسطين في البطولة العربية المدرسية التي تستضيفها عمّان.



هي ليست مجرد بطولة، بل موقف، وموقف يصنع تاريخًا. موقف رجل لم يعبأ بما قيل فيه، ولم تزعزعه سهام المغرضين، أولئك الذين هاجموه حين ظهر يخاطب الشعب الأردني بأمثالهم الشعبية التي تعكس أصالتهم، فاتهموه بالسطحية وهم لا يفقهون جوهر الحديث ولا مراميه.



لكن، هاهو اليوم يردّ عليهم لا بكلمة، بل بالفعل.



هذا هو نواف، الفارس الذي يأبى أن يترجل عن جواده، فارس النخوة، وسليل مدرسة أردنية عريقة أسسها المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وسقاها ورعاها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وسار على خطاها سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد الأمين. إنها مدرسة "الوقفة مع الشقيق، والنجدة للملهوف، والعطاء في وقت الشدة"، وهي ليست مجرد شعارات تُردد، بل قيم تُغرس وتثمر رجالاً من طينة نواف العجارمة.



هنا يتجلى معنى "نحن الدولة" الحقيقي.



كم منكم قالها؟ وكم منكم جسدها؟ أولئك الذين انتقدوا الرجل بالأمس، أين أنتم اليوم من نخوته؟ ألم تقولوا أنكم أنتم الدولة؟ فكونوا إذن سندًا لرجال الدولة الحقيقيين، وقفوا إلى جانب ابن الأردن وهو يمدّ يده لشقيقه الفلسطيني في لحظة عجز وغياب. هذه ليست بطولة رياضية فحسب، بل بطولة أخلاقية ترفع رأس كل أردني شريف.



لقد أسمع الدكتور نواف فعله قبل صوته، وقال للجميع: "إذا كان هناك من لا يقف مع الأشقاء وقت الحاجة، فالأردن لا يخذل أحدًا، وأنا ابن الأردن.".



نعم، هذا هو الوجه الحقيقي للأردن، بلد الرجال والمواقف، بلد لا يخذل فلسطين أبدًا، لا سياسيًا، ولا إنسانيًا، ولا رياضيًا. والأبطال الحقيقيون لا يبحثون عن الثناء، بل يصنعون المجد بصمت، ويتركون للأيام أن تنصفهم.



الدكتور نواف العجارمة لم يكن بحاجة للدفاع عن نفسه، فقد دافع عنه فعله.



فيا كل من تطاول عليه، ويا من أنكر عليه حقه في مخاطبة شعبه بلغته وأمثاله، أنظروا ماذا صنع هذا "الفارس"… لقد جسّد النخوة الأردنية بأبهى صورها، ووقف حيث لا يقف إلا الكبار.



فيا أردن الخير، ويا وطن النخوة، دمت منبعًا للرجال الشرفاء، ودمت تلد من هم على شاكلة نواف… رجالًا لا تهزهم العواصف، ولا تطفئ ضوءهم العتمة.