22 الاعلامي - بقلم : د.ثروت المعاقبة
تُعد عشائر بني حميدة من أبرز العشائر الأردنية التي لعبت أدوارًا وطنية واجتماعية بارزة منذ بدايات تأسيس الدولة، وتمتد جذورها في منطقة الكرك ومحيطها، وتعرف بتمسكها بالقيم العربية الأصيلة من كرم ،شجاعة ونخوة.
شاركت العشيرة في محطات تاريخية مهمة، من بينها المواقف البطولية في الدفاع عن الأردن خلال الحروب، ودعم الثورة العربية الكبرى، والمساهمة في مسيرة الإصلاح الاجتماعي داخل المجتمع الأردني، كما عُرف أبناء بني حميدة بقدرتهم على بناء الجسور بين مكونات المجتمع، والعمل على تحقيق المصالحات الوطنية.
في ذاكرة المجتمع الأردني، تبقى بعض الأسماء محفورة بوصفها رموزًا للوفاء والانتماء والعمل الدؤوب من أجل الوطن والناس، ومن بين هذه الأسماء يسطع اسم الشيخ ضامن الحمايدة، الذي شكّل نموذجًا للقاضي العشائري الملتزم بالقيم العربية الأصيلة، والقائد الذي حمل هموم الناس، والمصلح الاجتماعي الذي أفنى عمره في خدمة المجتمع.
وُلد الشيخ ضامن الحمايدة عام 1917 في منطقة فقوع على سفوح شيحان، في قلب بيئة عشائرية أصيلة تنتمي إلى عشائر بني حميدة، إحدى أبرز العشائر الأردنية التي لعبت أدوارًا وطنية منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، ونشأ في بيت عرف بـ"المضافة"، حيث تلتقي القلوب قبل الأجساد، وحيث تُحل الخلافات بالعقل والحكمة قبل أن تصل إلى ساحات القضاء الرسمي.
منذ صغره، تشرب قيم الكرم، الشجاعة، الإصلاح، وتحمل المسؤولية، وهي القيم التي كانت البوصلة التي وجهت حياته، ورغم أن التعليم النظامي كان محدودًا في تلك الحقبة، إلا أن الشيخ ضامن حاز على علم التجربة، وفطنة البادية، وفهمًا عميقًا للعادات والأعراف.
عرفه الناس بصفته قاضيًا عشائريًا حكيمًا، يلجأ إليه القريب والبعيد لفض النزاعات وحل الخلافات، وكان يؤمن أن قوة العشيرة تكمن في وحدتها، وأن الإصلاح هو أسمى أشكال القيادة، وفتح أبواب مجلسه لكل محتاج، وأصغى لكل قضية مهما كانت صغيرة، مؤكدًا أن العدل هو أساس السلام الاجتماعي.
كما كان له دور بارز في تعزيز ثقافة التماسك المجتمعي، إذ سعى إلى إصلاح الخلاف بين العشائر الأردنية، وإرساء أسس المصالحة الوطنية، خاصة في فترات التوتر أو الخلاف.
كان الشيخ ضامن من الداعمين الأوفياء للقيادة الهاشمية، مؤمنًا بأن مشروع الدولة الأردنية يقوم على الولاء والانتماء، والعدالة، وسيادة القانون، شارك في لقاءات ملكية، ناقش خلالها هموم المواطنين، ودعا إلى تعزيز التنمية في مناطق الأطراف، وخصوصًا لواء ذيبان ومحيطه.
كما كان حاضرًا في المواقف الوطنية الكبرى، مؤكدًا دعم عشائر بني حميدة لقضايا الأمة.
الشيخ ضامن الحمايدة كان أحد أبناء المدرسة العشائرية العريقة، حيث جسّد قيمها في حياته اليومية، وحمل إرث بني حميدة من حيث الشجاعة في قول الحق، والحرص على وحدة الصف، والسعي للإصلاح بين الناس، فكانت مواقفه الوطنية امتدادًا لمواقف عشيرته، التي طالما وقفت صفًا واحدًا خلف القيادة الهاشمية، ودعمت جهود الدولة في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.