22 الاعلامي - بقلم : يوسف الفقهاء
في مساءٍ ثقيلٍ بالدموع، وفي حضرة الحزن الصامت، ودّعت الساحة الصحفية الأردنية والعربية واحدًا من أنبل فرسانها، الأستاذ جهاد أبو بيدر، الذي ترجل عن صهوة الكلمة ورحل تاركًا إرثًا لا يُنسى من الصدق والموقف والشجاعة.
لم يكن جهاد مجرد صحفي عابر، بل كان مدرسة في الحرف، ومعلمًا في المبدأ، وصوتًا لا يلين أمام الباطل. حمل قلمه كسيفٍ مسلول، وخاض معارك الكلمة دفاعًا عن الحقيقة، لا يخشى في الحق لومة لائم، ولا يساوم على أمانة المهنة.
على مدى سنوات عطائه، كان جهاد حاضرًا في وجدان زملائه وطلابه، يزرع فيهم حب الصحافة بمعناها النبيل، ويغرس في عقولهم أن الصحفي هو ضمير المجتمع ولسان الحق، وأن الموقف أغلى من المناصب، وأن الكلمة الحرة لا تُشترى.
رحل جهاد، لكن صدى كلماته سيبقى يتردّد في كل منبر، وأثره سيظل حيًا في قلوب من عرفوه أو قرأوا له أو تعلموا على يديه. رحل الجسد، لكن الروح ستبقى ترفرف فوق المهنة التي أحبها، وفوق القيم التي عاش من أجلها.
نم قرير العين يا أستاذنا، فقد أديت الأمانة، وكتبت سطورك الأخيرة بالوفاء، وسيسجّل التاريخ أنك كنت صوت الحق في زمن الصمت.
رحمك الله رحمة واسعة، وأسكنك فسيح جناته، وألهم ذويك ومحبيك الصبر والسلوان.