آخر الأخبار

الشملان يكتب : "رؤية إسرائيل الكبرى"… أوهام استعمارية في زمن الوعي العربي

{title}
22 الإعلامي   -

22 الاعلامي - بقلم : ماجد الشملان



في كل منعطف سياسي أو تصعيد عسكري، تعود إلى الواجهة تلك الأوهام القديمة التي يُعيد الاحتلال الإسرائيلي تدويرها تحت مسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"، وكأن التاريخ لم يتغير، وكأن الشعوب قد نسيت. هذا المشروع الاستعماري الذي يطمح، نظريًا، إلى السيطرة على المنطقة من النيل إلى الفرات، ليس إلا انعكاسًا لغطرسة سياسية تعيش خارج الزمن، تتجاهل كل ما فرضته الجغرافيا والمقاومة من حقائق على الأرض.



تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الأخيرة ليست زلّة لسان أو حماسة خطابية. بل هي إشارة خطيرة إلى أن الطموح الصهيوني في التوسع لا يزال قائمًا، متجذرًا، وينتعش مع كل ضعف أو شرخ في الصف العربي. ما قاله نتنياهو بصراحة هو أن المعركة في غزة ليست سوى خطوة في طريق أطول، وأن العيون متجهة نحو دول أخرى: الأردن، وسوريا، ولبنان، ومصر.



لكن ما غاب عن هذا الخطاب المتعالي أن الزمن تغير، وأن الشعوب العربية – وفي مقدمتها الشعب الأردني – لم تعد كما كانت في السابق. فالموقف الأردني، الرسمي والشعبي، لا يترك مجالًا للشك في رفضه المطلق لأي تعدٍّ على السيادة الوطنية أو الحقوق الفلسطينية.



وهذا الرفض ليس موقفًا طارئًا أو مجاملة دبلوماسية، بل هو مبدأ راسخ نابع من الوعي القومي، ومن الفهم العميق لطبيعة المشروع الصهيوني وغاياته.



الخطير في تصريحات نتنياهو ليس مضمونها فحسب، بل الجرأة التي قيلت بها، وكأن العالم بأسره قد استقال من مسؤولياته، أو كأن القانون الدولي مجرد ديكور لا يلزم أحدًا.



ولكن، وكما علّمنا التاريخ، فإن الاستعمار لا يعيش إلا في غياب الوعي، وعندما تحضر الشعوب تسقط المشاريع مهما كانت محكمة التخطيط.



الأردن اليوم يقف، كما كان دومًا، سدًا منيعًا أمام هذه الأوهام. ليس فقط دفاعًا عن نفسه، بل عن فلسطين وكل المنطقة. إن ما يجري في غزة هو فصل من صراع أوسع، لكنه أيضًا لحظة اختبار حقيقية للمواقف، والسكوت فيها تواطؤ.



قد يظن قادة الاحتلال أن بإمكانهم فرض واقع جديد على الأرض، وأن القوة وحدها كفيلة بصناعة التاريخ. لكن الوقائع تكشف أن الاحتلال، مهما توسع مؤقتًا، يظل مشروعًا منبوذًا، بلا شرعية، محاطًا بعزلة دولية تتزايد مع كل مجزرة، وكل عدوان.



ما تسميه إسرائيل "رؤية كبرى"، يراه العرب حلمًا استعمارياً مريضًا لم يعد يجد من يصدقه. هو مشروع يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت ضربات المقاومة، ووعي الشعوب، وصلابة المواقف التي لا تُشترى ولا تُبدّل.



في نهاية المطاف، ما بين النيل والفرات، هناك شعوب تعرف تاريخها، وتتمسك بهويتها، ولن تسمح لأي مشروع أن يمرّ، لا مهما علا صوته، ولا مهما اشتد بطشه.



حمى الله الأردن وقائدهُ وشعبه المعطاء وحمى الله أجهزتنا الأمنية.