22 الاعلامي - بقلم : ديما يوسف المجالي
الحرب على غزة لم تكن مجرد حدث خارجي نتابعه من بعيد، بل كانت مرآة عاكسة لمجتمعنا، أظهرت أروع ما في الأردنيين من مروءة ونخوة، لكنها – للأسف – كشفت أيضًا أسوأ ما فينا من انقسامات وتشكيك، فبدل أن نصطف جميعًا خلف القيادة الهاشمية وموقف الدولة ومؤسساتها في جبهة واحدة، أضعنا فرصة ثمينة وتركنا المجال للأصوات الناعقة لتعبث بوحدتنا الداخلية.
إن ما نراه اليوم من حملات تشويه تستهدف الأردن ليس جديدًا علينا، لكنه هذه المرة أكثر خطورة، لأنه يأتي في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تماسك داخلي مطلق، ولمن يرددون تلك الأكاذيب والاتهامات ضد الأردن، نقول: اقرأوا كتب الدكتور محمد عيسى العدوان، ففيها بالوثائق والأدلة رد على كل من يحاول النيل من وطننا وكشف زيف كل أكذوبة أو ادعاء باطل…وحتى الأسطوانة المشروخة عن أن "الأردن حارس لإسرائيل" سؤالنا لهم: حارس عليها مِن مَن؟؟؟ اعطِنا دليلك …يكفي ترديد الكلام دون تشغيل العقل والمنطق!
أما تصريح نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى"، فلا عجب فيه، فذلك شعارهم منذ أن جاء الصهاينة الخزر إلى المنطقة، وما جرّبوه عام 1948 وعام 1968، وما زال في وجدانهم حتى اليوم. المؤسف أن بعض من جلدتنا يتناسون – أو يتغافلون عمدًا – بطولات الأردن وجيشه العربي ضد إسرائيل، من معركة باب الواد واللطرون عام 1948 بقيادة الشهيد حابس المجالي، مرورًا بملاحم الكرامة عام 1968، وصولًا لجهودهم البطولية في حماية الحدود…والأسوأ من ذلك أن المناهج المدرسية لم تُبرز هذه البطولات بالشكل التفصيلي الذي يليق بها، وكأننا نساهم بصمت في طمسها من ذاكرة الأجيال. فكيف ننتظر من شبابنا أن يدركوا حقيقة مشروع "إسرائيل الكبرى" إن كنا لا نروي لهم كيف تصدى الأردن وجيشه لهذا المشروع منذ بدايته؟
لقد آن الأوان أن ننتقل من سياسة الصمت إلى سياسة الرد القوي، وكما اقترح دولة فيصل الفايز، يجب تجييش جيش إلكتروني وطني منظم يرد على كل من يتطاول على الأردن، داخليًا وخارجيًا، ويفضح الأكاذيب بالحجة والدليل. فالمعركة اليوم ليست بالسلاح فقط، بل بالكلمة والمعلومة والصورة، وهي ساحات يجب أن نخوضها بثقة وحزم.
هذه اللحظة تستدعي أن يقود العقلاء الصفوف، وأن نضع كل الخلافات جانبًا، ونتحد في خطاب وموقف واحد، فلا نكرر أخطاء التشرذم والانقسام، و إن الحذر واجب، والتحضير الجاد لأي طارئ ضرورة وطنية، وأقوى رد على كل من يقترب من الأردن هو أن يجدنا جميعًا في وجهه، صفًا واحدًا، وعقلًا واحدًا، وقلبًا واحدًا.