22 الاعلامي - بقلم : الدكتورة فريال حجازي العساف
في وقت يعصف به الاضطراب، وتغشاه التقلبات، وتعتريه الضبابية، وتحكمه ازدواجية المعايير والمبادئ، والصمت العالمي الذي صم الأذان واعمى الابصار عن ما خلفته ويلات الصراعات والحروب تغدو الحاجة ملحّة إلى تنفيذ تدابير ملموسة تُعبّئ الهمم لصون السلام، وتعزيز الحلول السلمية التي تركز على الانسان وبناء أسس وثقافة السلام المستدام، من خلال توظيف الاليات الدولية الملزمة قانونياً ابتداءاً مروراً بتوظيف الدبلوماسية والوساطة لنزع السلاح وحفظ السلام وبناء السلام والعدالة وسيادة القانون، لمعالجة التهديدات المتطورة للسلام والأمن الدوليين.
ولأن النفس البشرية تتوق في كل يوم ، الى العيش في عالم يسوده العدل والمساواة والاخاء والمحبة ويخلو من الضغائن والاحقاد ولا تعكر صفوه الحروب وويلاتها، ولا يسلب الظلم منه ابسط الحقوق بالعيش بسلام وكرامة، تعددت الأيام الد الدولية المطالبة بتعزيز السلام والامن الدوليين ، والتي منها على ال سبيل المثال لا الحصر ؛ اليوم الدولي للضمير الإنساني ، اليوم الدولي للعيش معاً بسلام ، اليم الدولي للأعنف اليوم العالمي من أجل السلام والتنمية المستدامة واليوم وبتاريخ الحادي وعشرين من أيلول يحتفي العالم في كل عام تاريخياً باليوم الدوليّ للسلام الذي تم إقراره والاعتراف به في عام 1981 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف وقف العنف واسكات البنادق.
لكن ومن وجهة نظر حقوقية ، عن أي سلام نتحدث؟! وأي يوم عالمي يحتفل ؟! وما نتيجة الاحتفال باليوم الدولي للسلام في وقتنا الحالي؟! أبدو متشائمة بعض الشيء ، لكن الواقع الراهن لا يمكن تغطيته بالغربال ، في ظل غياب المنظومة القانونية الدولية والاليات الدولية عن المشهد الذي نعيشيه والذي لا يمكن وصفه بأي عبارات لتغدوا الأيام العالمية بلا جدوى والتي يتم من خلالها الى التذكير بالأسس والمعايير، وتذكر الدول بواجباتها ودورها لتعزيز الجهود العالمية الرامية الى حفظ السلام والأمن الدوليين ، أيمانًا منها بأنّ السلام وحده كاف لضمان حرية وحقوق الشعوب في كل مجالات الحياة كافة ، إذ يمكن أن يتعايش الانسان مع بنو جنسه بغض النظر عن أي تمييز في عقيدتهم او عرقهم او ثقافتهم ولتحقيق ذلك يشترط الابتعاد عن التعصب والتطرف الفكري والعمل على اذكاء قيم السلام والدعوة الى قبول الاخر واحترام التعددية.
الشعار الأمميّ الذي رفع للاحتفال باليوم العالمي للسلام هذا العام ، حمل عنوان " أعملوا الآن من أجل عالم يسوده السلام"
يحمل الشعار في مضمونه دعوة دول العالم الى حشد الهمم وإعادة النظر في الاليات المستخدمة التي تساهم في تعزيز السلام والتحذير مما يخفيه المستقبل للعالم أجمع.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار ،من الذي سيعمل ؟ وكيف سيعمل ؟ ومع من سيعمل ؟ لكي نصل الى الهدف المنشود والذي هو مجتمعات مسالمة تسودها مبادئ العدالة والمساواة ولا يهمش بها أحد ولا يترك بها أحد في الخلف ، وهذه العبارات التي استخدمها هي من المبادئ المتأصلة التي قامت عليها مواثيق حقوق الانسان وأرتكزت عليها أهداف التنمية المستدامة وهي أيضاً هدف الأيام الدوليّة للسلام.
في واقع الحال اليومي الذي يعشيه العالم اليوم وما نراه من انهيار للمبادئ والقيم والأسس والمعايير وضبابية ولدور المناط بالاليات الدولية ومساعيها للمسائلة والمحاسبة عن مرتكبي الجرائم الانسانية وجرائم الحرب وتخلف العالم وانهيار لأهداف التنمية المستدامة ووقف متعمد للمساعدات الإنسانية وهدم عن سابق قصد وترصد لأي تقدم تنموي او سياسي لأي من مجتمعات الشرق الأوسط والمجتمعات العربية ، والعمل على توظيف التكنولوجية الرقمية بما فيها أداة الذكاء الاصطناعي والعمل على انشاء الخوارزميات الرقمية التي تعزز التمييز والتنميط بأن مجتمعات الشرق الأوسط مجتمعات إرهابية وهدم أي دور لأي مجتمعي يسعى الى بناء السلام . كيف نعمل معاً ولا زالت بعض المجتمعات تخطط وتدبر المؤامرات للإطاحة بعمليات السلام والامن الدوليين.
واذا أراد العالم البحث عن ممارسات فضلى لتطبيق معايير السلام الدولي والحديث عن تجربة الدول في تعزيز مساعي السلام الدولي وتعزيز حماية حقوق الانسان نقولها بكل فخر واعتزاز الدور الأردني الهاشمي أنموذجا للسلام والأمن الدوليين في مساعية الجادة والمتواصلة والدؤوبة لإنقاذ منظومة حقوق الانسان وتطبيق مبادئ السلام والاخاء الدوليين على مر العصور ويشهد لنا التاريخ بأنّ الأردن ارض السلام والاخاء الإنساني .
الدكتورة فريال حجازي العساف