آخر الأخبار

النجادات يكتب : التحديات الأخلاقية في صحافة الإعلام الرقمي

{title}
22 الإعلامي   -

22 الاعلامي - بقلم : علي سليمان النجادات





تعود بداية ظهور مفهوم أخلاقيات الصحافة إلى عام 1910 عندما شكل المهنيون الأمريكيون بولاية تكساس أولى مبادئ أخلاقيات المهنة بإصدار ميثاق شرف يحكم العمل الصحفي إنطلاقاً من حرية الرأي والتعبير التي يجب أن يراعى فيها عدم المساس بالحرية الشخصية للأفراد.





 وتبع هذا الميثاق ميثاق الشرف السويدي عام 1916 ثم الفرنسي عام 1918 ثم تعددت بعد ذلك محاولات إصدار المواثيق المهنية على المستوى الدولي أو العربي.





في اللحظات التي سبقت إنطلاق شرارة في دول ما يسمى " الربيع " كان الميدان بمفهومه التقليدي لدى الصحفيين خالياً من أي إرهاصات تنبئ بما سيحدث، أما منصات التواصل الإجتماعي فكانت ساحة تظاهر إفتراضية ضخمة ضجت بمليونيات من النقد والخوض في الشأن السياسي .





فتحت هذه الحالة الباب أمام عشرات الإشكاليات المهنية، وأنذرت ببدء عصر جديد في الصحافة، ينطلق بشكل جوهري من تغير الميدان وإنزياحه لمنصات التواصل الاجتماعي أكثر من الشارع، وهو ما طرح أسئلة كبرى حول الأخلاقيات الجديدة للتعامل مع هذا المستجد، والحاجة الملحة لوضع قواعد أخلاقية جديدة، وتطوير أخرى إنطلاقاً من هذا الإنزياح الجوهري.





الصحافة الرقمية هي وسيلة الإعلام الرقمي التي تستخدم شبكة الإنترنت وسيطاً إتصالياً في نشر المعلومات والأخبار.





وتتعدد أشكالها مثل المواقع الإخبارية الإلكترونية والمدونات وصحافة الفيديو والصحافة التفاعلية والبودكاست والصحافة على منصات التواصل الاجتماعي.





تمتاز بسرعة النشر، وتحديث إصداراتها، وإحتواء تصاميمها على أدوات التفاعل التي تتيح للمستقبل خيارات متعددة للتفاعل مع المحتوى، فضلاً عن استخدام الوسائط المتعددة.





لقد أصبح الصحفي المحترف يجاور – في الفضاء الرقمي – كلاً من المغرد والمدون والصحفي المواطن والمستعمل العادي للشبكات الاجتماعية.





وهذا ما يجعل على الكاتب المحترف ان يستمر في المحافظة على وضعه الإستحقاقي السابق في ظل هذ الإشكال، وهذا لن يتحقق إلا بإلباس المحتوى الإعلامي قواعد أخلاقية جديدة.





كل ذلك يقودنا إلى الحديث عن الأخلاقيات المهنية في مجال الصحافة، وكيفية الإلتزام بها في العصر الرقمي، هذه الأخلاقيات عبارة عن مجموعة من القيم والمعايير التي يعتمدها أفراد المهنة للتمييز بين ما هو مقبول أو غير مقبول في السلوك المهني.





الإعلام الجديد منذ نشأته في العقد الأخير من القرن العشرين، قد مثل عددً من التحديات التي فرضها على وسائل الإعلام التقليدية التي باتت تعمل في بيئة مستقرة من النواحي المهنية والأخلاقية والقانونية، وساعدها على ذلك عمق التجربة  ورسوخه عبر عقود طويلة .





وهو ما لم يتوافر للإعلام الجديد الذي يتسم بالحداثة، وما زال يعاني الكثير من المتاعب للوصول إلى اطر وضوابط مهنية وأخلاقية وقانونية.





ومما أنتجته التكنولوجيا من تحديات في صحافة الإعلام الرقمي تغير الإنتاج الإعلامي والسلوك الإستهلاكي للقراء وكذا توجهاتهم ومواقفهم تجاه القضايا الوطنية والإقليمية والدولية ورافق ظهور الصحافة الإلكترونية تحرر المواد من قيودها الجغرافية ن وإلغاء الخصوصية وإنعتاقها من الرقيب الإعلامي، فبرزت أصوات نخب ناشئة أحدثت تغيرات في أسلوب عمل الصحف الإلكترونية.





مما سبق يتضح ان كل التحديات التي تواجه الإعلام الرقمي تصبح أكثر تعقيداً وتنوعاً مع تطور التكنولوجيا الرقمية وإنتشارها الواسع، وعلى الرغم من ان الصحافة الرقمية فتحت آفاقاً جديدة لحرية التعبير والوصول إلى المعلومات، إلا أنها جلبت معها مخاطر كبيرة تتعلق بالمصداقية والخصوصية والتحيز.





وللتغلب على التحديات والمخاطر في الصحافة الرقمية لا بد من تكاتف الجهود بين الإعلاميين وصانعي السياسات والجمهور للعمل معاً نحو تعزيز صحافة مسؤولة وأخلاقية في هذا العصر الرقمي المتغير بإستمرار.





علي سليمان النجادات