×
آخر الأخبار

الفرجات يكتب : دعم وتقدير لإدارة السير في الأمن العام

{title}
22 الإعلامي   -

بقلم : أ.د. محمد الفرجات

نحو منظومة مرورية آمنة ومتكاملة تعكس وجه الأردن الحضاري

تواصلت مع إدارة السير في العقبة، وبينت خطورة أحد الشوارع الرئيسية والحيوية هندسيا، وكان الحل خلال أيام فقط... وهذا يعكس حسن الادارة مقابل تناغم في عمل السير والمحافظة والمفوضية والأشغال، ويسجل لهم ذلك.  

أما على مستوى المملكة، ففي الوقت الذي تتنامى فيه التحديات المرورية في مختلف محافظات المملكة، تبرز إدارة السير في مديرية الأمن العام كإحدى الركائز الوطنية التي تعمل بإخلاص ومهنية عالية للحفاظ على أمن وسلامة مستخدمي الطرق، من خلال برامج وإجراءات ميدانية وتنظيمية وتوعوية متكاملة.

لقد بات المشهد المروري في الأردن أحد أهم الملفات التي تستدعي عملاً مؤسسياً متواصلاً، يتكامل فيه الدور الأمني مع الدور المجتمعي والهندسي والإداري، وهذا ما بدأت الإدارة تعززه بشكل واضح في الفترة الأخيرة.

فمنذ نحو شهر، تشهد مختلف المحافظات حراكاً منظماً وميدانياً نشطاً يقوده كوادر إدارة السير بالتعاون مع الحكام الإداريين والبلديات وسلطات المناطق الخاصة، في خطوة تهدف إلى تفعيل دور لجان السلامة المرورية بشكل عملي ومؤسسي، بحيث لا تبقى تلك اللجان مجرد أطر شكلية، بل تتحول إلى أذرع تنفيذية قادرة على رصد المشكلات الميدانية ووضع الحلول الواقعية لها.

ويأتي ذلك بالتوازي مع الاهتمام بتوصيات المجلس الأعلى للسلامة المرورية، بما يعزز من تطبيق السياسات الوطنية المعتمدة للحد من الحوادث وضبط السلوك المروري، إلى جانب دراسة المواقع التي تُعد نقاطاً سوداء على شبكة الطرق في مختلف المحافظات، وتحليل أسباب تكرار الحوادث فيها، والتوجيه نحو حلول هندسية وتنظيمية وتوعوية مستدامة.

هذه الجهود تأتي في سياق وطني أوسع، إذ لم تعد قضية المرور مجرد مسؤولية أمنية أو فنية، بل أصبحت قضية اقتصادية واجتماعية وصحية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجودة الحياة والإنتاجية العامة.

فكل حادث سير لا يمثل خسارة بشرية فحسب، بل خسارة اقتصادية باهظة تتحملها الدولة والأسر، وتؤثر على الأمن الاجتماعي والاقتصادي.

إن التحول الذي تشهده إدارة السير يعكس فهماً عميقاً لطبيعة المرحلة، ويؤكد أن السلامة المرورية لا تتحقق بالرقابة فقط، بل بالشراكة والمسؤولية المجتمعية، وبإدخال التكنولوجيا والتحليل الذكي للبيانات المرورية، وتكامل الأدوار بين الوزارات والجامعات ووسائل الإعلام والمجتمع المحلي.

وفي هذا الإطار، تواصل الإدارة العمل على تكثيف الجهود لخلق بيئة مرورية آمنة من خلال حملات التوعية والتثقيف الموجهة للسائقين وطلبة المدارس والجامعات، وإشراك المجتمع المحلي في رصد السلوكيات الخاطئة، وتعزيز الالتزام الطوعي بالقواعد المرورية بدلاً من الاقتصار على الردع بالعقوبة.
كما أن تطوير قدرات الكوادر البشرية الميدانية، واستخدام الأنظمة الحديثة للمراقبة والتحكم، يمثلان نقلة نوعية في الأداء، تسهم في تحسين الانسيابية المرورية وتقليل نسب الحوادث والمخالفات.

إن المتتبع لما تقوم به إدارة السير في مديرية الأمن العام يدرك أن الجهد الميداني اليومي المبذول من رجالها ونسائها لا يقتصر على تنظيم حركة المرور فحسب، بل يمتد إلى معالجة جذور المشكلة من خلال الرصد والتحليل والتوعية. فهم لا يقفون عند الإشارة، بل يتابعون خلف الكواليس عمليات المسح الميداني والدراسات الفنية، ويقودون حوارات مهنية مع مختلف المؤسسات للوصول إلى حلول عملية ومستدامة.

ولذلك فإننا، إذ نُعبّر عن عميق التقدير لإدارة السير في الأمن العام على هذا النهج العملي المتوازن، نؤكد أن هذه الجهود يجب أن تحظى بالدعم الكامل من الحكومة والمجتمع ومؤسسات التعليم والإعلام، عبر ترجمة هذه المبادرات إلى خطة وطنية متكاملة للسلامة المرورية ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية:

1. الهندسة المرورية والبنية التحتية الآمنة: من خلال تحسين تصميم الطرق، وإزالة النقاط السوداء، وتطبيق حلول ذكية لتنظيم الحركة.

2. التشريعات والرقابة المتوازنة: عبر تطوير القوانين بما يتناسب مع الواقع المروري الحديث، وضمان تطبيقها بعدالة وشفافية.

3. التوعية والتربية المرورية: بإدخال مفاهيم السلامة في المناهج المدرسية والجامعية، وتشجيع الإعلام الوطني على تبني خطاب مسؤول يرسخ ثقافة الالتزام.

لقد آن الأوان لأن يتحول الملف المروري في الأردن إلى مشروع وطني شامل تقوده مؤسسات الدولة بتكامل، وتكون إدارة السير في الأمن العام محوراً أساسياً فيه، ليس فقط بوصفها جهة تنفيذية، بل بوصفها نموذجاً في الانضباط والمسؤولية والإصرار على حماية الأرواح.

وفي الختام، فإن رجال السير في الميدان يستحقون منّا كل التقدير والاحترام، فهم يؤدون واجبهم الوطني في ظروف صعبة، ويقفون يومياً في وجه الفوضى المرورية بعزيمة لا تلين، حاملين رسالة الأمن والسلامة لكل مواطن وزائر.
وإن دعمهم والالتفاف حول جهودهم ليس خياراً، بل واجب وطني يعزز من صورة الأردن الحضارية ويجعل طرقه أكثر أمانا وإنسانية.