شادي نبيل - في إطار جهود وزارة التربية والتعليم لتعزيز التعليم الدامج ودعم ذوي الإعاقة، زار رئيس اللجنة الفنية للتعليم الدامج في مديرية تربية الشونة الجنوبية، الدكتور شاهر الدريدي، يرافقه الأستاذ فايز الجعارات عضو قسم التعليم العام وشؤون الطلبة، والمشرفة التربوية السيدة عائشة عبد الرازق جدوع، مركز الجوفة المجتمعي للتأهيل المعروف باسم "بيت سليم".
وهدفت الزيارة إلى الاطلاع على الخدمات التي يقدمها المركز للمجتمع المحلي، لا سيما في تدريب وتأهيل الطلاب ذوي الإعاقات البسيطة، واستكشاف سُبل التعاون المشترك لتوسيع نطاق الخدمات التأهيلية في المنطقة.
ويُعد مركز الجوفة المجتمعي للتأهيل "بيت سليم" نموذجاً يُحتذى في مجال خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة بمنطقة الأغوار الجنوبية، حيث أُنشئ كمركز تطوعي غير ربحي عام 1996 تحت رعاية مؤسسة الأراضي المقدسة للصم والمجمع الكنسي للطائفة الإنجيلية الأسقفية العربية في القدس والشرق الأوسط.
وفي قلب منطقة الأغوار الجنوبية، يقع المركز في قرية الجوفة التي تبعد خمس كيلومترات شمال البحر الميت، في لواء الشونة الجنوبية الذي يضم 14 قرية ويبلغ تعداد سكانه حوالي 70 ألف نسمة.
وشهد المركز نقلة نوعية عام 2005 بانتقاله إلى المبنى الجديد الذي تبرعت به عائلة السيد أنطون دبابنة تخليدًا لذكرى ولدهم الراحل سليم، ومن هنا جاءت تسمية "بيت سليم".
واستقبل الأستاذ نذير جريس تادرس، مدير المركز ورئيس قسم مراكز غور الأردن، الوفد الزائر، وقدّم عرضاً شاملاً عن المركز الذي يقدم خدماته التأهيلية والتدريبية للأشخاص ذوي الإعاقة وذويهم مجاناً منذ إنشائه، معتمداً على جهود الخيرين الداعمين ومشاركة المجتمع المحلي بكافة قطاعاته.
وأوضح مدير المركز أن الخدمات تتنوع لتغطي كافة فئات الإعاقة البصرية والسمعية والعقلية والحركية، بما يضمن الوصول بالشخص ذي الإعاقة إلى الاستقلالية والاعتماد على الذات.
من خلال الخدمات التأهيلية والطبيةوالتي تشمل غرفة مجهزة للتدريبات النطقية، وغرفة للعلاج الطبيعي والوظيفي والعلاج من خلال اللعب، وإجراء الفحص السمعي وتأمين المعينات السمعية وقوالب بصمة الأذن والبطاريات، وإجراء الفحص البصري وتأمين النظارات الطبية للمحتاجين، وغرفة متخصصة لعلاج أطياف التوحد بالإضافة إلى زيارات منزلية وجلسات للعلاج الطبيعي والوظيفي.
إلى جانب البرامج التعليمية المتخصصةوالتي تشمل صفوف لطلاب الإعاقة العقلية بدرجاتها المختلفة، وصف للروضة والدمج المدرسي في المدارس الحكومية للطلبة الصم، وصف للطلاب المكفوفين وضعاف البصر، وصف لأطياف التوحد، وتعليم اللغة الإنجليزية واللغة الإشارية
ويحتوي المركز على ثلاثة مشاغل للتدريب وإعادة التأهيل والتوظيف تشمل: الخياطة والتطريز، إعادة تدوير الورق، الأعمال الخشبية.
وفي خطوة تعزز استقلالية الخريجين وتحسّن مستواهم الاجتماعي، يقوم المركز بتعيين المتدربين في مشاغله بعد بلوغهم السن القانوني، ما يساعدهم على توفير دخل ثابت لهم ولعائلاتهم.
ويُعد برنامج الامتداد أحد أبرز المبادرات المجتمعية التي ينفذها المركز عبر فريق متخصص من الأخصائيين، حيث يتضمن:
تدريب متطوعات من المجتمع المحلي وإعدادهن للعمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى المسح الميداني لمناطق لواء الشونة الجنوبية والكشف عن حالات جديدة
ومتابعة الطلاب ذوي الإعاقة المدمجين في المدارس الحكومية بزيارات شهرية،
ودورات لأهالي الطلاب ذوي الإعاقة لتوعيتهم بكيفية التعامل معهم ومساعدتهم، تنظيم دورات وندوات توعوية في الجمعيات الخيرية والمدارس الحكومية
وخلال الزيارة، استمع الوفد إلى قصص النجاح التي حققها المركز، حيث عرّف المسؤولون بأمثلة حية لطلاب تمكّنوا من تطوير مهاراتهم واكتساب قدرات مهنية ساهمت في تحسين مستوى اندماجهم بالأسرة والمجتمع.
وروى مدير المركز نماذج لخريجين انضموا للمركز أطفالاً من ذوي الإعاقة العقلية البسيطة والمتوسطة، واليوم يعملون في مشاغل المركز ويساهمون في إعالة أسرهم، مؤكداً أن هذه القصص تتكرر يومياً في أروقة "بيت سليم".
وأكدت اللجنة أن النماذج التي شاهدتها تشكّل دليلاً واضحاً على أهمية تأهيل ذوي الإعاقة بشكل مستمر ومدروس، وضرورة نشر هذه التجارب الإيجابية لتشجيع الآباء والأمهات وأصحاب الهمم على استثمار هذه الفرص.
وفي ختام اللقاء، قال الدكتور شاهر الدريدي: "ما شاهدناه اليوم يشكل نموذجاً يُحتذى في التعامل مع ذوي الإعاقة، ونحن في وزارة التربية والتعليم ملتزمون بتوسيع نطاق هذا التعاون"، مضيفاً: "سنعمل على تنظيم زيارات ميدانية للمعلمين والمشرفين للاستفادة من هذه التجربة الرائدة".
وثمّن رئيس اللجنة الجهود المبذولة من قبل إدارة مركز الجوفة المجتمعي للعناية بذوي الإعاقة، مشيداً بتفاعل العاملين والتزامهم بمعايير الجودة في التأهيل، موجهاً شكراً خاصاً للأستاذ نذير جريس تادرس وجميع الكوادر على حسن الاستقبال والعمل الدؤوب لخدمة أبناء المجتمع من أصحاب الهمم.
وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود مديرية تربية الشونة الجنوبية المستمرة لدعم التعليم الدامج، حيث نظمت المديرية مؤخرًا الملتقى الأول للتعليم الدامج وعقدت عدة اجتماعات تنسيقية مع مؤسسات المجتمع المحلي، في سعي دؤوب لتوفير بيئة تعليمية شاملة تضمن حقوق جميع الطلبة وتعزز اندماجهم في المجتمع.
وبهذه الزيارة، تُرسّخ مديرية تربية الشونة الجنوبية مفهوم الشراكة المجتمعية في خدمة ذوي الإعاقة، في وقت تواصل فيه مؤسسة الأراضي المقدسة للصم مسيرتها الإنسانية منذ تأسيسها عام 1964، مؤكدةً أن الإعاقة ليست عائقاً أمام النجاح والاندماج المجتمعي، بل هي فرصة لإبراز القدرات الكامنة لدى أصحاب الهمم.
ويُذكر أن المركز يتمتع بخبرة طويلة جعلته مقصدًا للكليات والجامعات الأردنية لقبول طلابهم للتدريب الميداني وإتمام مقرراتهم الدراسية في الخبرة العملية.
تربية الشونة الجنوبية تستكشف تجربة مركز الجوفة للتأهيل: نموذج ريادي يحتضن أصحاب الهمم منذ 1996
السبت - pm 05:18 | 2025-10-18

22 الإعلامي -