ناقش برنامج عين على القدس الذي عرضه التلفزيون الأردني أمس الاثنين، تسارع محاولات الاحتلال الإسرائيلي لطمس الهوية الفلسطينية العربية الإسلامية في المدينة المقدسة، ومقاومة القدس والمقدسيين لهذه المحاولات.
وقال الباحث في التاريخ المقدسي، روبين أبو شمسه، إنه من الواضح أن هناك تسارعًا كبيرًا فيما يتعلق بتهويد المدينة المقدسة ومحاولة "نقلها" من الصورة العربية إلى الصورة الإسرائيلية، من قبل سلطات الاحتلال.
وأضاف أن مقاومة محاولات الاحتلال لطمس الهوية العربية في القدس تأتي من اتجاهين؛ أولهما المؤسسات التي تعمل على بيان الحقيقة والسردية التاريخية العربية في القدس، والمحافظة على الأماكن المقدسة والتاريخية من خلال ترميمها والتوعية بحقيقتها من خلال النشرات الدورية التي تم وضعها في جميع مناطق القدس العتيقة، فيما تشكل المسؤولية الفردية الاتجاه الثاني، حيث أصبح لدى سكان المدينة وعي بأهمية الحفاظ على المدينة وطابعها العربي الإسلامي.
بدوره، قال أمين متحف الآثار الإسلامية والمخطوطات في المسجد الأقصى المبارك، يوسف الأوزبكي، إن المدينة المقدسة شهدت أعظم نقلة حضارية منذ الفتح الإسلامي حتى اليوم، خصوصًا في البناء العمراني، ما تشهد عليه الآثار الموجودة فيها، والتي "امتدت عبر العصور الراشدية والأموية والعباسية" وما تبعها من عصور.
من جهته، أكد رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأرض المقدسة، دميتري دلياني، أن الاحتلال الإسرائيلي أصبح "يتفنن" في أساليبه لخلق بيئة طاردة للشعب الفلسطيني من مدينة القدس، إضافة إلى اختلاقه أساليب مختلفة لمهاجمة الوجود الإسلامي والمسيحي فيها، والتي كان آخرها فرض الضرائب على الكنائس من أجل تركيعها، والحيلولة دون قدرتها على تقديم رسالتها الاجتماعية والدينية.
ودعا إلى تكاتف الفلسطينيين مع البعد العربي من أجل الدفاع عن مدينة القدس ومقدساتها، وتعزيز صمود أهلها.
أما أستاذ التاريخ والآثار في جامعة بيرزيت، الدكتور نظمي الجعبة، فعبر عن تفاؤله بالصمود "الأسطوري" لسكان مدينة القدس في مدينتهم، والعلاقة الكبيرة التي تربطهم بها، في إشارة منه إلى أن القدس القديمة، والتي تُعد جوهر الصراع، ما زالت مدينة عربية إسلامية مسيحية واضحة المعالم، بالرغم من إعلان الاحتلال أن القدس بكاملها عاصمة له.
وأضاف أن أكثر من 90 بالمئة من سكان القدس العتيقة عرب، وأن مبانيها وأسواقها ومساجدها وكنائسها تدل وتؤكد على هويتها بشكل لا يمكن لأي شخص إنكاره.
وقال إن المسجد الأقصى المبارك يُعد "أجمل مبنى تاريخي في العالم"، وإن الأجمل فيه أنه تم الحفاظ عليه دون تشويه، وهو المبنى الوحيد في العالم الذي يبلغ عمره 1400 عام وما زال محافظًا على أصالته بهذه الدقة والروعة.
وعن الصمود ومقاومة مخططات الاحتلال في الجانب العمراني، أكد الجعبة أن الإعمار الهاشمي أعاد المسجد الأقصى بكل مكوناته إلى "بهاء عظيم"، وقال: "في شهادة للتاريخ، فإن المسجد الأقصى من ناحية عمرانية لم يكن بأفضل مما هو عليه في القرون الخمسة الأخيرة"، حيث كان الإعمار الهاشمي في هذه الفترة - ومازال - شاملًا لكل مكونات المسجد الأقصى.
وأضاف أن هناك أعمال إعمار وترميم تمت في البلدة القديمة أيضًا، قامت بها عدة جهات من المجتمع المدني الفلسطيني وغير الفلسطيني، ومنها نقابة المهندسين الأردنيين، ومؤسسة التعاون، وبعض المنظمات الدولية، ودائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، التي أشرفت على ترميم الكثير من المباني في القدس، وخاصة تلك التي تحيط بالمسجد الأقصى من الجهتين الشمالية والغربية.
وشدد الجعبة على أن التعليم والثقافة والهوية الفلسطينية مستهدفة بشكل أساسي من قبل الاحتلال، الذي يحاول ضرب هذه المكونات و"أسرلة" الفلسطينيين في جميع المجالات، وعلى رأسها التعليم، مؤكدًا أن كل هذه المحاولات لن تجدي نفعًا أمام صمود المقدسيين وتعلقهم بمدينتهم وتشبتهم بها، ما أدى إلى فشل الاحتلال في حربه الديموغرافية في فلسطين، بدليل أن نسبة سكان القدس من الفلسطينيين بعد الضم القسري للشطر الشرقي للمدينة وتوسيع حدودها كانت 15 بالمئة، ولكن هذه النسبة تبلغ الآن 40 بالمئة، بالرغم من تضييق الاحتلال على المقدسيين في جميع مجالات الحياة.
-- (بترا)
عين على القدس يناقش محاولات الاحتلال طمس الهوية الفلسطينية في القدس
الثلاثاء - am 10:41 | 2025-10-21

22 الإعلامي -