بقلم : اليمان ايمن الكريمين
في ظلِّ القيادةِ الهاشميَّةِ الحكيمةِ، يظلُّ الأردنُّ راسخًا كصرحٍ شامخٍ، تُبنَى أركانُه على رُؤًى ثاقبةٍ تهدفُ إلى صَقلِ طاقاتِ أبنائِه وتمكينِهم. يأتي برنامجُ خدمةِ العَلَم أحدَ أبرزِ هذه الرُّؤى، متجلِّيًا كمشروعٍ وطنيٍّ يهدفُ إلى تعميقِ قِيَمِ الانتماءِ والمسؤوليَّةِ لدى الشَّبابِ، وإعدادِهم ليكونوا سَندًا للوَطنِ ودرعًا يَحمي مُقدَّراتِه. فهو ليس مجرَّدَ برنامجٍ إلزاميٍّ، بل هو رحلةٌ تكامُليَّةٌ تجمعُ بين التأهيلِ العسكريِّ والتربيةِ الوطنيَّةِ، لتُخرِجَ جيلًا قادرًا على مواجهةِ التَّحدِّياتِ بكلِّ ثقةٍ وعزيمةٍ.
انطلق برنامجُ خدمةِ العَلَم من رؤيةِ الملكِ عبدِ اللهِ الثَّاني ابنِ الحُسينِ المعظَّم –حفظهُ اللهُ ورعاهُ– الَّذي يؤكِّدُ دومًا أنَّ: "شبابَنا هم ثَروتُنا الحقيقيَّةُ، وبِهم نَبني المستقبلَ". فهذا البرنامجُ يُعَدُّ استثمارًا في رأسِ المالِ البشريِّ، من خلالِ دَمجِ الشَّبابِ في بيئةٍ تُعزِّزُ لديهم قِيَمَ الانتماءِ، والانضباطِ، والعملِ الجماعيِّ. كما يُسهمُ في تعزيزِ وَصلِ فئاتِ المجتمعِ المختلفةِ، تحتَ مظلَّةِ الوَطنِ الواحدِ، ممَّا يُعكسُ صورةً مُشرقةً عن الوَحدةِ الوطنيَّةِ الَّتي يتميَّزُ بها الأردنُّ.
ويتميَّزُ البرنامجُ بجَمعِه بين التدريبِ العسكريِّ، والتأهيلِ المهنيِّ والتعليميِّ، ممَّا يمنحُ الشَّبابَ مهاراتٍ حياتيَّةً وعمليَّةً تُكسبُهم المرونةَ والقدرةَ على التَّكيُّفِ مع متطلَّباتِ سوقِ العملِ. كما يَعملُ على تعزيزِ الرُّوحِ الوطنيَّةِ من خلالِ تعريفِ المشاركين بإنجازاتِ الوَطنِ وتاريخِه العريقِ، وغَرسِ قِيَمِ التَّضحيةِ والفِداءِ الَّتي تُجسِّدُها القُوَّاتُ المسلَّحةُ الأردنيَّةُ –الجيشُ العربيُّ– وأجهزةُ الأمنِ بكافَّةِ أصنافِها.
وفي هذا السِّياقِ، يقولُ جلالةُ الملكِ عبدُ اللهِ الثَّاني ابنُ الحُسينِ: "إنَّ شبابَنا هم أملُ المستقبلِ، وعليهم يعتمدُ تقدُّمُ الأردنِّ وازدهارُه". وهذا يؤكِّدُ أنَّ البرنامجَ ليس مجرَّدَ فترةٍ تدريبيَّةٍ عابرةٍ، بل هو جزءٌ من استراتيجيَّةٍ وطنيَّةٍ شاملةٍ لبناءِ الإنسانِ الأردنيِّ القادرِ على حملِ الرِّسالةِ، والدِّفاعِ عن مقوِّماتِ الوَطنِ.
ولقد حثَّتِ التَّعاليمُ الإسلاميَّةُ على حبِّ الوَطنِ والدِّفاعِ عنه، فقال رسولُ اللهِ –صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم– لما خرج من مكة: "ما أطيَبَكِ مِن بَلَدٍ وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنَّ قومَكِ أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرَكِ"، رواهُ التِّرمذيُّ عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ –رضي اللهُ عنهما-. كما أنَّ القرآنَ الكريمَ يَحثُّ على التَّعاونِ والتَّآزرِ، فقال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (سورة المائدة:2). وهذه القِيَمُ تُجسِّدُها روحُ برنامجِ خدمةِ العَلَم، الَّذي يُعَدُّ نَموذجًا عمليًّا للتَّعاونِ البنَّاءِ بين أبناءِ الوَطنِ الواحدِ.
كما يُعتَبَرُ البرنامجُ تجسيدًا عمليًّا لرؤيةِ الملكِ المؤسِّسِ عبدِ اللهِ الأوَّل ابنِ الحُسينِ –طيَّبَ اللهُ ثراهُ– الَّذي قال: "إنَّ الأردنَّ قويٌّ بشبابِه، ووَحدتُه هي مصدرُ قوَّتِه". فمِن خلالِ هذا البرنامجِ، يلتقي شبابٌ من مختلفِ المحافظاتِ والثَّقافاتِ؛ ليتعارفوا ويتعاونوا، ممَّا يُعزِّزُ اللُّحمةَ الاجتماعيَّةَ ويُرسِّخُ مفهومَ الوَحدةِ الوطنيَّةِ.
بلا شكٍّ، يظلُّ برنامجُ خدمةِ العَلَم منارةً وطنيَّةً تُضيءُ طريقَ الشَّبابِ نحو العطاءِ والبناءِ، وتُعزِّزُ فيهم قِيَمَ الانتماءِ والمسؤوليَّةِ. فهو ليس مجرَّدَ برنامجٍ تدريبيٍّ؛ بل هو مدرسةٌ وطنيَّةٌ تُخرِجُ أجيالًا قادرةً على حملِ رايةِ الوَطنِ والدِّفاعِ عن مُكتسباتِه. وكما قال الشَّاعرُ ابراهيم طوقان:
بلادِي لَكِ حُبِّي وَفُؤادِي * فَأنتِ الهَوَى وأَنتِ الرَّجَاءُ
وَفِي الخِتَامِ لِيَظَلَّ الأُرْدُنُّ بَلَدًا شَامِخًا –بِعَوْنِهِ تَعَالَى– وَلِيَبْقَى وَاحَةَ أَمْنٍ وَاسْتِقْرَارٍ، وَشَبَابُهُ دِرْعًا يَحْمِي مُقَدَّرَاتِهِ، وَسَوَاعِدُ تَبْنِي مُسْتَقْبَلَهُ الْمُشْرِقَ.
الطالب : اليمان ايمن الكريمين






