×
آخر الأخبار

ابو النصر يكتب : سفيان القضاة .. سفير الحكمة الهادئة في الزمن الصعب

{title}
22 الإعلامي   -

بقلم : م. بسام ابو النصر

في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة التي تعيد رسم خريطة العلاقات العربية، يبرز اسم السفير سفيان القضاة كأحد أبرز الوجوه الدبلوماسية الأردنية القادرة على التعامل مع الملفات الحساسة بعقلانية وهدوء. فالقضاة، الذي يشغل حاليًا منصب سفير المملكة الأردنية الهاشمية في دمشق، يُعد أول سفير أردني في سوريا منذ اندلاع الأزمة هناك، وهو ما يمنحه دورًا محوريًا ومسؤولية استثنائية في مرحلة دقيقة تتقاطع فيها المصالح السياسية والإنسانية والاقتصادية.

يمثل وجود القضاة في دمشق خطوة متقدمة في مسار إعادة بناء العلاقات الأردنية السورية، وهو يدرك تمامًا أن موقعه يتجاوز البعد الدبلوماسي التقليدي ليحمل أبعادًا استراتيجية، تتصل بدور الأردن التاريخي في دعم استقرار سوريا ومساندة شعبها. فإلى جانب مهامه السياسية، يتحمل القضاة اليوم مسؤولية خاصة تتعلق بمساهمة الأردن في إعادة إعمار سوريا، بما يضمن أن يكون للمملكة موقع فاعل في هذه العملية من منطلق الجوار والمصالح المشتركة، لا من موقع المتفرج.

ويمتاز السفير القضاة بخبرة ميدانية عميقة اكتسبها خلال عمله الطويل في وزارة الخارجية، سواء كمتحدث رسمي أو في إدارة الملفات القنصلية والإنسانية، ما منحه فهمًا واقعيًا ودقيقًا لطبيعة العلاقات الأردنية السورية، ولتعقيدات الملف الإنساني المرتبط بوجود اللاجئين السوريين في الأردن.
غير أن القضاة لا ينظر إليهم كـ"لاجئين" بالمعنى التقليدي، بل كأشقاء ساهم كثير منهم في الدورة الاقتصادية الأردنية، من خلال استثماراتهم وأعمالهم في مختلف القطاعات، ما خلق واقعًا جديدًا من التداخل الإنساني والاجتماعي والاقتصادي بين الشعبين. وهذا بدوره يضع على عاتقه مهمة دبلوماسية مزدوجة: تأمين عودة آمنة وكريمة للسوريين حين تسمح الظروف، وضمان استمرار الدعم الإنساني والتعاون الاقتصادي في الوقت ذاته.

في هذا السياق، يقف القضاة كدبلوماسي واقعي يعرف الجغرافيا ويقرأ السياسة من الميدان لا من المكاتب. فهو يمثل دولة ترتبط بسوريا بحدود طويلة ومناطق مكتظة سكانيًا، ما يجعل من موقعه في دمشق نقطة التقاء محورية بين الأمن والسياسة والاقتصاد.
وبفضل حسه الهادئ ومنهجه العملي، يتمكن من إدارة الحوار مع مختلف الأطراف بلغة متوازنة تجمع بين الحزم والاحترام، وتعيد للأردن حضوره الطبيعي كجسرٍ للتواصل لا ساحةً للصراع.

إن السفير سفيان القضاة اليوم يجسّد مدرسة الدبلوماسية الأردنية في أرقى صورها: العمل بصمت، التأثير بالفعل، وتغليب المصلحة الوطنية على الضجيج الإعلامي. ومن موقعه في دمشق، يمكن القول إن القضاة يفتح صفحة جديدة في العلاقات الأردنية السورية، عنوانها الواقعية والتكامل، ويعيد للأردن دوره المحوري كقلبٍ نابض في المنطقة، يقف إلى جانب الأشقاء، ويعمل بصبر على بناء مستقبل أكثر استقرارًا وإنسانية.