×
آخر الأخبار

اسم الكاتب : المحامي غياض الشرفات

الشرفات يكتب : في ذكرى ميلاد الراحل الكبير الحسين بن طلال طيّب الله ثراه

{title}
22 الإعلامي   -

بقلم المحامي غياض الشرفات عضو حزب الميثاق الوطني

في مثل هذه الأيام، تعود ذاكرة الأردنيين إلى رجل لم يخرج من وجدانهم يومًا؛ الحسين بن طلال، القائد الذي عاش بين شعبه بقلب الأب، وحكمة الملوك، وثبات من آمن بأن الأردن يمكن أن يصنع المستحيل رغم قلّة الإمكانات وكثرة التحديات.

لم يكن الحسين مجرد ملكٍ يحكم، بل كان مدرسة كاملة في الإنسانية والسياسة والقيادة. كان يمشي بين الناس بلا حواجز، يشاركهم أحزانهم قبل أفراحهم، ويصنع من تفاصيلهم الصغيرة قصة وطن كبير. وخلال ما يزيد عن أربعة عقود، حمل الحسين على كتفيه عبء بناء الدولة الحديثة، وسط محيط إقليمي ملتهب و تحديات لا تتوقف.

في السياسة، كان الحسين رجل التوازن الدقيق؛ يعيد الأمور إلى نصابها بجرأة محسوبة، ويقود المعادلات الصعبة بحنكة جعلت الأردن ثابتًا عندما اهتزّت المنطقة كلها. وفي الميدان، كان القائد العسكري الذي يعرف جنوده واحدًا واحدًا، ويقف بينهم بزيّهم، لا ليأمرهم فقط، بل ليكون جزءًا من روحهم.

أما في وجدان الناس، فالحسين هو الأب الحنون، صاحب الابتسامة التي كانت تطمئن قلوب الأردنيين في أصعب اللحظات. كان يرى في كل طفل مشروع مستقبل، وفي كل شاب طاقة وطن، وفي كل أمٍّ رمزًا للصبر والأمل. ولعل ذلك ما جعل العلاقة بينه وبين شعبه علاقة محبة صادقة لا تصنعها البروتوكولات.

اليوم، وبعد سنوات رحيله، ما تزال صورته حاضرة في الذاكرة الجماعية: الحسين على صهوة جواده، الحسين وهو يلوّح بيده للناس، الحسين في جولاته المفاجئة، الحسين في خطاباته التي تتحدث بلغة الأردنيين بلا تزويق ولا تباهي.

لم يكن الراحل الكبير ملكًا فقط، بل كان رمزًا لمنطق الدولة التي تقوم على القيمة قبل القوة، وعلى الإنسان قبل الحسابات. ترك إرثًا من الثبات، ورسالة من الوطنية الصادقة، ووصية لم تغب: “ابنوا الأردن… واغرسوا في كل جيل معنى الانتماء”.

في ذكرى الحسين، لا نستعيد الماضي بقدر ما نستعيد الدرس: أن الأوطان تُبنى بالصبر، وبالصدق، وبقيادة تعرف كيف تتواضع لشعبها وتؤمن به. وهكذا كان الحسين… وهكذا بقي في القلب.
رحم الله الحسين رحمة واسعة وأطال الله في  عمر قائد الوطن