×
آخر الأخبار

الملكاوي يكتب : مركز الإعلاميات العربيات و 20 عاماً من بناء وتمكين الإعلاميات

{title}
22 الإعلامي   -

بقلم: المستشار محمد الملكاوي

كان لحضوري حفل افتتاح المؤتمر العشرين لمركز الإعلاميات العربيات مؤخراً ذكريات رائعة تمتد من أيام "الحِبر" الذي كان يُعانق ورق الصُحف والمجلاّت والكتب والمطبوعات سابقاً، إلى عصر "الإعلام الرقمي" الذي نعيشه اليوم دون "حبرٍ" أو "ورقٍ"، لهذا جال في مخيلتي وأنا أستمع إلى كلمة سمو الأميرة بسمة بنت طلال الرئيسة الفخرية للمركز شريط ذكريات جعلني أدرك أن عهد "صف الحروف" بالرصاص وتغطيسة "بالحِبر" الذي كان سائداً قبل عدة عقود، قد ولّى إلى غير رجعة، لأننا نعيش حالياً عصر "الرقمنة" الذي يتسارع فيه إيقاع التقنية وتكاد الخوارزميات تتحكم باتجاهات الوعي العام، والرأي العام، وحتى ماذا نأكل وماذا نشرب، وإلى أين نذهب، وفي مختلف جوانب حياتنا العامة والخاصة، وأصبح الهاتف الخلوي هو المكتب والميدان بالنسبة للصحفي والإعلامي.


وقد عشت فرحاً وألقاً خاصاً كصحفي بأحاديث وأحداثٍ مميزة في مسيرة حياتي المهنية الصحفية وأنا أشاهد بأمّ عينيّ بأن أستاذتي محاسن الإمام التي كانت بحق "الصحفية المُعلّمة"، و "الإعلامية الأم" في المهنية لي كأحد أبناء وبنات الجيل الأول الذي تخرّج من دائرة الصحافة والإعلام في جامعة اليرموك عام 1984، حيث رأيت ولمست كيف  أبرزت "محاسن الإمام" دور المرأة الإعلامية العربية كقوة فكرية وإنسانية تعيد التوازن بين التقنية والضمير، والبُعد الإنساني الذي ركزت عليه لمواجهة الذكاء الاصطناعي في المؤتمر العشرين لمركز الإعلاميات العربيات، بعنوان: "الإعلامية العربية في زمن التحول الرقمي: بين حرية الكلمة وخوارزميات القمع".


ولم يكن غريباً عليّ وأنا صحفي يعيش في مرحلة "الخَضْرَمة"، أي بين "عصري إعلام"، إعلام تقليدي وإعلام رقمي، أن أتفاعل مع مفردات سمو الأميرة بسمة في كلمتها، حينما أشارت إلى أن التحوّل الرقمي، حمل في طياته تحدياتٍ تمس حرية التعبير وحق الإنسان في الوصول إلى الحقيقة، رغم ما فتحه هذا التحوّل الرقمي من آفاقٍ واسعة للمعرفة والإبداع، وتأكيد سموّها على أهمية الوعي بأخلاقيات الإعلام ومسؤولية الكلمة في هذا الفضاء الرقمي، وصولاً إلى حرص سموّها إلى الإشارة إلى ملامح خريطة طريقٍ جديدة: تتضمّن إعلاماً حُراً ومسؤولاً، تحميه القيم، ويقوده الوعي، وليس البرمجيات.
 

أما "الأم المهنية والأستاذة والصديقة" منذ أيام "الحِبر" محاسن الإمام (المُؤَسِسة والمُديرة التنفيذية لمركز الإعلاميات العربيات)، فأعترف بأنني الشاهد الحي والقريب منها بأنها قد حملت بفخر "راية" هذا الوعي منذ أكثر من عقدين من الزمان في المركز، لأنها آمنت بأن الإعلام يمكن أن يكون أداة تغييرٍ لا أداة تكرار، خاصة عندما قالت في كلمتها في حفل الافتتاح بأن مركز الإعلاميات العربيات يواصل الدفع بعجلة التغيير من خلال الإعلام، وتمكين النساء والشباب، ومواجهة العنف ضد المرأة، تحت شعار تمكين الأصوات وإثراء الروايات. وقد دللت محاسن الإمام على ذلك بثقة وقوّة عندما شاهدتُ الزميلة في الجامعة وفي مهنة المتاعب الأستاذة كارولين فرج، وهي إحدى خريجي الفوج الأول من دائرة الصحافة والإعلام في جامعة اليرموك، تقف على منصة التكريم بإنجازاتها لتتسلم دِرع التكريم من سمو الأميرة بسمة إلى جانب إعلاميات عربيات رائدات ومميزات من العديد من الدول العربية.

وقبل أن أختم مقالتي أود التأكيد بأن إعلامية أردنية وعربية بحجم الأستاذة محاسن الإمام، حرصت على أن تكون فلسفتها في مسيرتها الإعلامية، بأن يكون الصوت الحُر هو الطريق إلى العدالة، وأن التمكين لا يتحقق عبر الشعارات، بل عِبر بناء وعيٍ معرفي ومهني يجعل من الإعلامية العربية شريكة في صنع القرار، لا مجرد ناقلة له.
وأختم بالقول بأنني كصحفي كان يشعر سابقاً بأن رائحة "الحِبر" على ورق الصحف والمجلات والمطبوعات رغم مرارتها ومذاقها الكئيب، إلا أنها كانت بالنسبة للجيل الصحفي والإعلامي الذي أنتمي إليه، أزكي من رائحة "الياسمين"، لأن استمرار رائحة "الحبر" تعني استمرار دوران المطابع في إنتاج الصحف والمجلات التي كانت تتزين فيها أسماؤنا على صفحاتها يومياً، وخاصة في المانشيتات والأخبار والمقالات. لهذا أود أن أوجه رسالة شُكر إلى الأستاذة محاسن الإمام، لأنها شددت في مسيرتها على أن الإعلاميات والإعلاميين الذين يمتلكون أدوات العصر الرقمي، من الذكاء الاصطناعي إلى مهارات الصحافة الرقمية، قادرين على تحويل الخوارزميات إلى وسائل لإيصال المعلومة والحقيقة إلى البشر، بكل فضاءات ولغات العالم.