×
آخر الأخبار

الزغيبات يكتب : سمو ولي العهد يتحدث لأبناء الطفيلة السردية الأردنية تهمنا

{title}
22 الإعلامي   -

بقلم : الأستاذ أحمد سليمان الزغيبات

التقى صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني في أبناء الطفيلة الهاشمية بمنطقة ضانا وتحدث في الجلسة  عندما نكون بالطفيلة نستذكر الثورة العربية الكبرى وهي الثورة المسلحة التي قادها أمير مكة الشريف الحسين بن علي، بدعم من بريطانيا، في التاسع من شعبان عام ١٣٣٤هـ . أي العاشر من حزيران ١٩١٦ م ، وفي ميدان الثورة العربية الكبرى الذي أقامه أحد مواطني الطفيلة السيد إبراهيم الحناقطة أمام جامعة الطفيلة تضمن مدفعاً قديماً في طرف الميدان جنوباً، وفي وسط الدوار ارتفع مستطيل حجري تعلوه منارة بأربع واجهات حملت صورة الملك المغفور له الحسين طيب الله ثراه، وصورة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وحملت واجهه سورة التين من القرآن الكريم أما اللوحة الرابعة فقد كانت أبيات من الشعر في نخوة وشجاعة أهل الطفيلة ، وتصدر الجدار الغربي لوحة رخامية حملة صورة بانورامية للشريف الحسين بن علي وأنجاله الملوك الهاشميين، وفي الجزء الثاني لوحات تحمل أسماء الشهداء والجرحى. فهذا صرح شهداء الثورة العربية الكبرى وهو قيمة تاريخية فيها.

وتحدث سموه عن معركة حد الدقيق التي وقعت في ٢٥ -  كانون الثاني -  ١٩١٨ م ، ضمن أحداث الثورة العربية الكبرى، وانتهت بانتصار كبير لقوات الثورة العربية بقيادة الأمير زيد بن الحسين على القوات العثمانية. سُميت المعركة نسبة إلى "حد الدقيق" وهو سهل في الطفيلة يُعتقد أن معناه "المنطقة الفاصلة بين الوعر والسهل" باللغة التركية، ولأنه حادة من جهة الغرب. شارك فيها أهالي الطفيلة بشكل كبير ودافعوا ببسالة، وأدت إلى هزيمة القوات العثمانية ومقتل قائدها حامد فخري باشا.  

حيث أشار سموه إلى السردية الأردنية وكيف نعلم أجيالنا عن قصة الأردن العظيم فالسردیة التاریخیة ضروریة لاكتشاف تلك الأحداث والعادات والقیم والتقالید التي ولدت في یوم ما كحدث أو كلمة أو عمل أو فكرة ثم تطورت لتصبح تلك الأشیاء التي یحملھا الناس والكثیر منھا یحمل قدسیة ما .

تعتبر السردية الأردنية نسيجٌ من المواقف والسير، من الرجال الذين واجهوا التحديات على الحدود، والنساء اللواتي صنعن للأجيال معنى الصلابة والصبر، والشباب الذين يواصلون حمل المهمة، إنها رواية يكتبها الأردنيون جميعًا؛ من بيوت الطفيلة، من سهول الكرك، من البادية، وإربد، ومن عمّان التي تجمع الجميع، إلى كافة أنحاء الوطن.

السردية الأردنية هو فكرة ريادية خلاقة توضح بصراحة مفهوم الهوية الوطنية الأردنية وعلاقتها الوطيدة بالهوية الوطنية الفلسطينية، والهوية النضالية ، وتوضح السردية دور أبناء العشائر والأردنيون في بناء الأردن، إن معرفة التاريخ الأردني العريق والعميق منذ ممالك الأردن القديمة قبل الميلاد حتى دور الأردن وقبائلها في فتح بلاد الشام وفتح مصر المحروسة، كذلك دور الأردن في النضال على التراب الفلسطيني كما أعتقد يجب الفصل بين التصرفات الفردية وحتى الفئوية التي أضرت أو تسعى لإيذاء الأردن والفصل بين مكون من نسيج المجتمع الأردني، كما أعتقد لا بد من تجريم من ينكر الهوية الوطنية الأردنية من الأردنيين.

ولي العهد تحديث بكل وضوح إن موضوع توثيق السردية الأردنية يهمّه شخصياً ومهم لأجيال المستقبل، لم يكن يتحدث عن مجرد تاريخ نكتبه على الورق، بل عن هوية وطن ومسيرة قيادة وشعب، يجب أن تُحفظ كما هي… بلا تلفيق، وبلا تحريف، وبلا إسقاطات من الخارج.

إن توثيق السردية الأردنية اليوم هو فرض وطن ، لأنه يحمي وعينا من التشويه، ويحصّن أبناءنا من حملات التضليل، ويضمن أن يعرف الجيل القادم من أين جاء هذا الوطن، وكيف صمد، ولماذا يستحق أن نحميه ونواصل بناءه.

السردية الأردنية لا تكتمل من دون الذين دفعوا أثمن ما يملكون، يبقى ذكر الشهداء في أساس هذه الحكاية، فالشهداء ليسوا فصلًا معزولًا من التاريخ، بل هم الصفحة التي تُكتب بالدم وتُقرأ بالاحترام،  وهم الذين وقفوا في المواقع الأصعب، وحملوا السلاح والإيمان معًا، وجعلوا من حياتهم جسرًا يعبر عليه الوطن إلى أمنه واستقراره.

من حديث سمو ولي العهد شعرتُ أن هناك رغبة واضحة بأن نعيد ترتيب ذاكرتنا، لا لأن الماضي بعيد، بل لأنه أصبح مهددًا بالنسيان وسط ضجيج العالم، حيث أن دعوته إلى توثيق السردية الأردنية ضرورة وحاجة وطنية، فالأردن الذي قطع مئة عام من البناء، يعد قصة مكتملة التفاصيل، صنعها الناس بعرقهم وصبرهم وإيمانهم بأن هذه البلاد تستحق أن يُدافع عنها.

الأردن بلد غني بكنوزه البشریة والتاریخیة والأثریة والطبیعیة وغیرھا من جوانب الحیاة، وتتمیز الأردن بأنھا واحدة من أكثر بقاع الأرض التي أنعم الله علیھا بالعدید من النعم، أولھا موقع الأردن المتمیز، حیث تتواجد في موقع 
جغرافي فرید جعلھا تتوسط قارات العالم القدیم، فھي إذا مقر للعدید من الحضارات والشعوب والقبائل وأر ًضا لعدٍد من الممالك والدول والحضارات، كما أنھا كانت ممًرا للعدید من القوافل والقبائل والأمم والشعوب. هذا كله جعل الأردن بلدًا متمیزًا فریدًا .

فمحافظة الطفيلة من المحافظات المتميزة بسبب تنوعها الجغرافي والمناخي، وقدمت للأردن الكثير الكثير من البطولات والتضحيات والشهداء فالطفيلة من أوائل المحافظات الأردنية التي احتضنت الثورة العربية الكبرى، حيث قدم أبناؤها الغالي والنفيس إلى جانب أرواحهم للذود عن هذا الحمى الطهور، ولا سيما أنها تشرفت بأن أطلق عليها الهاشميون "الطفيلة الهاشمية" لما قدمته وأبناؤها من بطولات.

بقلم الأستاذ أحمد سليمان الزغيبات