×
آخر الأخبار

الشاعر يكتب : نموذج المطور الرئيسي: مقاربة جديدة لمعالجة التحديات العمرانية في الأردن

{title}
22 الإعلامي   -

بقلم : المهندس عيد الشاعر خبير عقار واستثمار

يشهد قطاع التخطيط العمراني في الأردن توجهاً متزايداً نحو تبني نماذج تطوير حديثة لمواجهة الضغوط المتصاعدة على المدن والبنية التحتية. ويأتي إطلاق مشروع "مدينة عمرة" كأبرز مثال على هذا الاتجاه، حيث يجري تطويره وفق نموذج "المطور الرئيسي" (Master Developer) الذي أثبت نجاحه في تجارب دولية رائدة.

تجارب دولية ملهمة

عند النظر إلى تجارب دولية ناجحة في التطوير العمراني مثل الإمارات والسعودية وتركيا، نلاحظ وجود جهة رئيسية تقود عملية التطوير العمراني. شركات مثل "نخيل" في دبي، و"روشن" في السعودية، و"أملاد كونوت" في تركيا - كل منها يعمل وفق خصوصية بلده، لكنها تشترك في فكرة جوهرية: الدولة تضع الرؤية العامة وتخطط للمناطق الجديدة، بينما تتولى شركة التطوير العقاري الرئيسية التنفيذ.

التحديات العمرانية في الأردن

يواجه الأردن مجموعة من الإشكاليات العمرانية، من بينها:

· التوسع العمراني غير المنظم في أطراف المدن
· الضغط الكبير على البنية التحتية، خصوصاً في عمان والزرقاء
· محدودية المساحات المتاحة لمشاريع السكن الشامل والمتكامل
· ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات
· تشتت الجهود بين الجهات المعنية وضعف الربط بين المشاريع

مشروع مدينة عمرة: تطبيق عملي للنموذج

يمثل مشروع "مدينة عمرة"، الذي يجري العمل عليه بتوجيهات ملكية، محاولة لتطبيق هذا النموذج على نطاق واسع. ويتميز المشروع بكونه:

· ممتداً على مدى عقود تتجاوز دورتين أو ثلاث دورات حكومية
· معتمداً على تخطيط شامل يركز على الاستدامة وتوفير الخدمات
· قائماً على شراكة بين القطاعين العام والخاص
· مدعوماً بمتابعة من "الشركة الأردنية لتطوير المدن والمرافق الحكومية"

آلية عمل نموذج المطور الرئيسي

يقوم هذا النموذج على توزيع أدوار واضح:

الدور الحكومي:

· وضع الرؤية العامة والتخطيط الاستراتيجي للمناطق الجديدة
· تحديد استعمالات الأراضي (سكني - تجاري - خدمات)
· تخطيط وتنفيذ البنية التحتية الأساسية كالطرق الرئيسية والمرافق الكبرى

دور المطور الرئيسي:

· تطوير البنية التحتية الداخلية ضمن نطاق المشروع
· إنشاء المجمعات السكنية والمرافق الخدمية
· جذب المستثمرين وإدارة عمليات التطوير
· الالتزام بالمعايير العالمية للجودة والاستدامة
· خلق بيئة سكنية متكاملة وليست مجرد أبنية

الفرق بين النموذج الجديد والنهج الحالي

يحلّل النموذج الحالي في التطوير العمراني الذي يعتمد على:

· البلديات في التخطيط والترخيص
· مطورين عقاريين منفردين يتولون التنفيذ
· جهود متفرقة تفتقد للتكامل الشامل

وهذا النموذج يواجه تحديات منها محدودية الكوادر المدربة، والتعقيدات الإدارية، وصعوبة جذب الاستثمارات الكبرى، ونقص الخبرات في إدارة المشاريع الكبرى.

إمكانات النموذج في السياق الأردني

يرى مؤيدو النموذج أنه قد يسهم في:

· دعم النمو العمراني المنظم والمستدام
· توفير مجتمعات متكاملة الخدمات
· خلق فرص عمل في مجالات الإنشاء والاستثمار
· الحد من التوسع العشوائي للمدن
· تعزيز قدرة الأردن على جذب استثمارات في مشاريع كبيرة

في المقابل، يشير خبراء إلى ضرورة مراعاة عدد من الجوانب خلال التنفيذ، من بينها ضمان الشفافية، وضبط الأسعار، ومراعاة احتياجات الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل، إضافة إلى التأكد من قدرة المؤسسات على إدارة المشروع على المدى الطويل.


يعكس الاتجاه نحو نموذج المطور الرئيسي محاولة جادة لتقديم حلول جديدة للتحديات العمرانية في الأردن. ويأتي مشروع مدينة عمرة ليشكل اختباراً عملياً لهذه المقاربة. ورغم أن النموذج يوفر فرصاً لتطوير أكثر تنظيماً وفاعلية، إلا أن نجاحه يعتمد على قدرة الجهات المعنية على إدارة المشروع بتوازن بين مصالح الدولة والمجتمع والمستثمرين، وعلى مدى التزامه بالمعايير التخطيطية والحوكمية الضرورية لضمان استدامة التطوير.