أبو عرجة يكتب شخصيات عرفتها .. مؤنس الرزاز في كتاباته الصحفية
22 الاعلامي – جمع مؤنس الرزاز بين الكتابة الأدبية وكتابة المقالات الصحفية .ونحن هنا نتناول الشأن الصحفي في كتاباته لأنه عرف كاتبا روائيًا كبيرًا مبدعًا .وقد وضع ،كما ذكر الناقد فخري صالح ،في احد مقالاته إحدى عشرة رواية ومجموعتين قصصيتين وعددًا من الترجمات.
وبقراءة عينة عشوائية من مقالات الرزاز ،، ٧٢،،مقالًا .وجدناها تتناول العديد من الشؤون والمواقف والاخبار .منها ما يتصل بالرواية والروائيين .والشخصيات السياسية والعسكرية.والأغاني والمغنين.والمسرح والممثلين.وانهيار المعسكر الشرقي والسياسيين السابقين.والتخلف الذي لا يتجزأ في دول العالم الثالث.ومسألة الحب الذي لا يجب أن يتأجل.وغياب الجمهور عن الفعاليات الجادة.والتغيرات التي تصيب الناس بعد تسلمهم المناصب.والضعف الذي يعتري العمل العربي المشترك.
وثمة مقالات يكتبها مؤنس أحيانًا .يريد ان يقول فيها أشياء كثيرة .فتمتلئ بالأفكار والحكايات.وينطلق فيها من موضوع لآخر.ومن فكرة لأخرى الى درجة التشتت .مع ميل الى استخدام بعض العبارات الأدبية المحلقة.والكلمات القادمة من قاموس صوفي. وهذا النوع من المقالات كان يعبر عن حالة ناقمة لا مجال فيها للتعبير الواضح أو المعنى المستقيم فيلجأ فيه للرمز والتورية.وكان هذا الأسلوب يعني له:الإفلات من الحرج.والحرص على الاستمرار في توصيل الرسالة.وتجنب الآثار السلبية لما قد تجره بعض المقالات.والكتابة باعتبارها حلا لان البديل يعني الانكماش والعزلة.
فقد كان الرزاز واعيا للتحليل النفسي متفهما للنفس البشرية وحركة الزمان ومسائل الحزن والاكتئاب.والتصوير الدقيق للواقع .والتفسير الدقيق للضعف البشري.وكان يعي معاني الجحود والخذلان.وعقوق الاصدقاء.وهم الكتابة.وآثار التوقف عن الكتابة .والقراءة بنهم.ورحلة الحياة.والنضوج المبكر.وأضواء القمة.والرحيل الفاجع للوالد.وقراءة الفلسفة.والتمعن بالتاريخ العربي الحديث.
وكان له معرفة بالناس. وريادة المقاهي.والسهر ومجالسة الاصدقاء. وإيمانه العميق بانه إنما يخوض معركة.وان مسؤولية المثقف كبيرة.خاصة انحياز المثقف للجماهير. لذلك كانت كتاباته أوجاعًا على الورق.دون شعارات طنانة يرفعها طلبًا للتصفيق.وكان قارئًا بصيرا بالواقع كاشفًا لحقائقه وعوراته.
ان قراءة مقالات الرزاز تدخلنا الى مجالات معرفية وحياتية واسعة. وتطلعنا على قيم الحب والجمال والخير والعدالة. وهو يقدم حوارات مع الذات تظهر على شكل حوار مع الاخر.يتناول فيها مكنونات النفس وأوجاعها وأحلامها بلسان الاخر المحاور.إنه حوار داخلي يظهر على شكل حوار ثنائي خارجي حول القيم والمفاهيم والهموم والتناقضات وتعقيدات الحياة التي تصطدم بالآفاق المسدودة.
وقراءة الرزاز تدل على الجو النفسي والادبي والسياسي الذي يحيط بالكاتب.ويظهر في التعبير الكتابي القلق الذي ينفر من الظلم ومن الإخفاق ومن سطوة الباطل.انه كاتب تميز حقا بقوة الفكر وقوة الضمير.وكان يعي مسؤولية الكاتب اليومي والمثقف الذي يحمل عبء إضاءة الكثير من القضايا الحيوية لأمته.
رحم الله مؤنس الرزاز الذي انتقل الى رحمة بارئه وهو في قمة عطائه الفكري والادبي بتاريخ ٨-٢-٢٠٠٢ وأسكنه في عليين.