22 الاعلامي – بقلم ديما المجالي
المقولة الشهيرة “أنا ومن بعدي الطوفان”، التي تنسب إلى عشيقة الملك الفرنسي لويس الخامس عشر، تحمل دلالة عميقة على الأنانية المطلقة، حيث لا يرى أصحاب هذا الفكر سوى أنفسهم ومصالحهم الشخصية، غير مكترثين بما قد يتسببون به من دمار أو فوضى بعد رحيلهم. هذه النظرة الأنانية ( العقيدة الشيطانية ) تغيب فيها كل الاعتبارات الإنسانية، والأخلاقية، و البيئية طالما أن الحاضر تحت سيطرتهم.
، وهو ما نراه بوضوح في الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وجنوب لبنان.
الاحتلال الإسرائيلي ، استبداد وقوة بلا اكتراث بالعواقب ، يعتمد سياسات القوة العسكرية والاعتداءات المتكررة وتدمير المجتمعات وتشريد السكان و لا تُظهر أي اكتراث بتداعياتها الكارثية على الانظمة السياسية والاجتماعية في المنطقة ، المهم بالنسبة لإسرائيل هو ضمان استمرار السيطرة على المدى القصير، بغض النظر عن الدمار أو المعاناة التي تُحدثها على المدى الطويل.
أما ” مطبق تلك المقولة الشهيرة بحذافيرها” رمز العنف والإجرام السفاح بنيامين نتنياهو ” ، رئيس الوزراء الإسرائيلي، فهو يمثل عقبة أساسية أمام أي حل سياسي مستدام في المنطقة. في عهده، شهدنا ثلاثة حروب رئيسية على قطاع غزة. الأولى عملية “عمود السحاب” في عام 2012، والثانية “الجرف الصامد” عام 2014، التي استمرت 51 يومًا وأسفرت عن مقتل أكثر من 2300 فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء. وفي عام 2021، شنت إسرائيل عملية “حارس الجدران” بعد استفزازات في المسجد الأقصى وتهجير عائلات فلسطينية من منازلهم في القدس. واليوم، في عام 2023،( طوفان الاقصى) يُعتبر العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة الأعنف على الإطلاق، حيث دمر الجيش الإسرائيلي بنية غزة التحتية وأدى إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، معظمهم من المدنيين.
ولم تقتصر سياسة نتنياهو على غزة فقط، بل وسّع جبهات القتال لتشمل جنوب لبنان باعتمادها سياسة ” الارض المحروقة” باستخدام العنف والتدمير وتصعيد عملياتها العسكرية على الحدود اللبنانية،
واغتيال كبار القادة من حزب _ الله وجاء ذلك بعد دقائق فقط من تهديد بنيامين نتنياهو الجمهورية الإسلامية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن “أي مكان في إيران ستصله ذراع إسرائيل الطويلة” في حال هاجمت كيانه.
ولا يمكن تجاهل الدور الأمريكي في دعم إسرائيل سياسيًا ( بإستخدامها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لحماية إسرائيل من أي إجراءات عقابية)، وماليًا (تقدم مساعدات مالية ضخمة لإسرائيل سنويًا، لتغطي جزءًا كبيرًا من ميزانية الدفاع الإسرائيلية.) ، وعسكريًا ( تعتبر أكبر مورد للأسلحة والتكنولوجيا العسكرية لإسرائيل، مما يعزز قدرتها العسكرية ويجعلها قوة عسكرية إقليمية بارزة) ،ودبلوماسيا ( تقدم دعمًا دبلوماسيًا قويًا لإسرائيل في مفاوضاتها مع الفلسطينيين، حيث تتبنى مواقف متحيزة لصالح إسرائيل في كثير من الأحيان)، وهذا يعزز جرائم الحرب التي يرتكبها نتنياهو في غزة.
أما الخطر الاعظم فهو مستقبل المنطقة، اذا بقي الاحتلال الإسرائيلي يمارس السياسات المعتمدة على القوة العسكرية والسيطرة واتباع نهج “انا ومن بعدي الطوفان” ، هذا يعزز مناخًا دائمًا من العنف والتوتر والمزيد من الدمار والفوضى، مما يجهض فرص تحقيق الأمان والسلام .
و لا يمكن الحفاظ على استقرار المنطقة من خلال الهيمنة العسكرية فقط، بل يجب تبني عقلية جديدة تركز على العدالة والإنصاف لجميع الأطراف، بضمان أن تكون حقوق الجميع محمية، مع الاعتراف بالتاريخ والمعاناة التي تعرض لها كل طرف، والالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية بتطبيق القانون الدولي بصراحة و بشكل متساوٍ على الجميع، دون انحياز لطرف دون آخر كما يدعي الإسرائيليون، وان يتم محاسبة ومعاقبة أي انتهاكات لضمان المساءلة .