22 الاعلامي – بقلم فادي البوري
تعد مشكلتا البطالة والفقر من أكثر التحديات الاقتصادية والاجتماعية إلحاحًا في الأردن، حيث تعكس هاتان الظاهرتان واقعًا اقتصاديًا صعبًا يواجه الدولة والمجتمع على حد سواء فالبطالة في الأردن، التي وصلت نسب مرتفعة خلال السنوات الأخيرة، تُعزى إلى مجموعة من العوامل المركبة، أبرزها التباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي الذي يعجز عن خلق فرص عمل كافية للشباب الذين يمثلون النسبة الأكبر من السكان وهذا التباطؤ يترافق مع اعتماد كبير على القطاعات التقليدية، مثل الخدمات والتجارة، وضعف الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة التي يمكن أن توفر وظائف مستدامة كما أن هناك فجوة واضحة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، حيث تعاني البلاد من زيادة في عدد خريجي التخصصات الأكاديمية غير المطلوبة مقابل ندرة المهارات التقنية والفنية التي يحتاجها الاقتصاد ويُضاف إلى ذلك تأثيرات العمالة الوافدة التي تهيمن على العديد من الوظائف في القطاعات الحيوية، مما يقلل من فرص الأردنيين في هذه المجالات.
من جهة أخرى، يتشابك الفقر مع البطالة بصورة تجعل من الصعب معالجة أحدهما بمعزل عن الآخر ويعاني السكان من مستويات مختلفة من الفقر، ويرتبط ذلك بارتفاع تكاليف المعيشة، نتيجة للاعتماد على الاستيراد في تأمين الاحتياجات الأساسية وارتفاع الضرائب، مما يثقل كاهل الأسر ذات الدخل المحدود وكما أن النمو السكاني السريع، وتزايد أعداد اللاجئين نتيجة الأزمات الإقليمية، يضعان ضغطًا إضافيًا على موارد الدولة والبنية التحتية، مما يؤدي إلى تقليص الدعم والخدمات المقدمة للفئات الأكثر احتياجًا.
لمواجهة هذه التحديات، لا بد من تبني حلول مبتكرة ومستدامة ترتكز على إعادة هيكلة الاقتصاد الأردني وأولى هذه الحلول تكمن في تعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاعات الإنتاجية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد أحد أهم المحركات لخلق فرص عمل جديدة كما أن دعم ريادة الأعمال بين الشباب من خلال توفير التمويل والتدريب يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة لتوظيف الذات والآخرين وعلى صعيد السياسات، يجب على الحكومة تحسين بيئة العمل من خلال تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وتشجيع الشركات على تشغيل الأردنيين، وتوفير برامج تدريبية لإعادة تأهيل العاطلين عن العمل بما يتماشى مع احتياجات السوق المتغيرة.
إضافة إلى ذلك، يجب العمل على تخفيف الأعباء المعيشية على الأسر الفقيرة من خلال إصلاح نظام الضرائب ليصبح أكثر عدالة، وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي لضمان حصول الفئات الهشة على الدعم اللازم وفي مجال التعليم، لا بد من إصلاح جذري يهدف إلى ربط المناهج الدراسية والتخصصات الجامعية بمتطلبات سوق العمل، والتركيز على التعليم التقني والمهني كبديل قوي للتعليم الأكاديمي التقليدي. أما في الجانب الحكومي، فمن الضروري اتخاذ خطوات جادة لتحفيز التعاون بين القطاعين العام والخاص من خلال شراكات استراتيجية تركز على الاستثمار في القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والسياحة.
إن التصدي للبطالة والفقر في الأردن ليس مجرد مسؤولية حكومية فحسب، بل هو جهد مشترك يتطلب تكاتف جميع أطياف المجتمع من مواطنين ومؤسسات وشركات ويتطلب ذلك أيضًا إرادة سياسية قوية وإصلاحات عميقة لتحقيق نقلة نوعية نحو اقتصاد أكثر استدامة وعدالة فقط من خلال العمل الجاد والمستمر يمكن للأردن التغلب على هذه التحديات وبناء مستقبل أفضل يضمن كرامة العيش للجميع.