
22 الاعلامي – بقلم : د. محمد يوسف حسن بزبز / سفير جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي
يعد التزييف العميق تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى مزيف يبدو واقعيًا، سواء كان ذلك في شكل فيديوهات أو صور أو صوتيات. هذه التقنية تعتمد على خوارزميات التعلم العميق، وهي فرع من فروع الذكاء الاصطناعي، التي تستخدم الشبكات العصبية الاصطناعية لتحليل البيانات وتوليد محتوى جديد.
من الناحية التاريخية، بدأ استخدام التزييف العميق في أوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، حيث كانت التطبيقات الأولية تركز على تحسين الصور والفيديوهات. ومع تقدم التكنولوجيا، ظهرت أدوات أكثر تطورًا مثل “Deepfakes”، التي تسمح بإنشاء مقاطع فيديو يمكن أن تُظهر أشخاصًا يقومون بأفعال لم يقوموا بها في الواقع، مما يثير العديد من القضايا الأخلاقية والقانونية.
تتضمن عملية إنشاء التزييف العميق عدة خطوات. أولاً، يتم جمع مجموعة كبيرة من البيانات، مثل صور أو مقاطع فيديو للشخص المستهدف. بعد ذلك، تُستخدم هذه البيانات لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي على تقليد ملامح الوجه وحركاته. ثم يتم دمج النموذج المدرب مع مقاطع الفيديو أو الصور الجديدة لإنشاء المحتوى المزيف.
التزييف العميق لها تطبيقات متعددة، حيث يمكن استخدامها في مجالات مثل صناعة الأفلام، حيث يمكن استبدال وجه ممثل بآخر، أو في الألعاب، حيث يمكن تحسين الرسوم المتحركة. ومع ذلك، فإن الاستخدامات السلبية لهذه التقنية تثير القلق، مثل نشر الأخبار الكاذبة، والتلاعب بالآراء العامة، واستخدامها في الابتزاز أو التشهير.
من ناحية أخرى، يمكن أن توفر تقنيات التزييف العميق فرصًا جديدة في مجالات مثل التعليم والفن. على سبيل المثال، يمكن استخدامها لإنشاء تجارب تعليمية تفاعلية أو لإحياء شخصيات تاريخية في الأفلام الوثائقية.
ومع ذلك، تبرز الحاجة إلى تطوير أدوات وتقنيات للكشف عن المحتوى المزيف، حيث أن التزييف العميق يمكن أن يؤثر سلبًا على الثقة في المعلومات المتاحة على الإنترنت. هناك جهود جارية من قبل الباحثين والشركات لتطوير أنظمة قادرة على التعرف على التزييف العميق وتمييزه عن المحتوى الحقيقي.
في النهاية، يمثل التزييف العميق تحديًا كبيرًا للمجتمع الحديث. بينما يمكن أن يقدم فوائد في بعض المجالات، إلا أنه يحمل أيضًا مخاطر جسيمة تتعلق بالخصوصية والأمان. من المهم أن نتعامل مع هذه التقنية بحذر وأن نكون واعين للتأثيرات المحتملة التي قد تترتب عليها في المستقبل.