حجاج يوثقون لحظات بين البهجة والسكينة في المشاعر المقدسة بصور “السيلفي”
إن كانت الحكمة من يوم التروية يوم الثامن من ذي الحجة جاءت لأن الناس يرتوون فيه من الماء قبل الخروج إلى مشعر منى، فإن التروي هذا العام جاء “بصور السيلفي” أيضاً وصناعة الذكرى الوحيدة لكل مسلم يحج بيت الله.
بدا الحجاج، الذين بلغوا لأول مرة بعد احترازات كورونا عام 2020 مليون حاج، وقد التقطتهم عدسات “اندبندنت عربية” وهم في أحاديث باسمة وصور خلدتها هواتفهم.
حاج وزوجته يلتقطان صورة تذكارية (اندبندنت عربية – عامر عبدالله)
يقول إسلام الدين محمد، حاج باكستاني، “تركت طفلين يعيشان وراء جبال بعيدة وزوجتي التي لم تتمكن من المجيء معي، لكنني استعضت بدلاً من هذا بمكالمة عبر السكايب… لقد شاهدوا رحلتي أولاً بأول، هم معي لكنني لا أستطيع لمسهم والشعور بهم”.
يمضي الحاج الباكستاني الذي يظهر هاتفه الصيني ويحاول تزجية وقوفه بالمشعر بالصور وتخليد الذكريات، وهو الذي عقد النية إلى الحج قبل بلوغه سن الرشد لكنه لم يستطع تأديته إلا بعد تجاوزه سن الـ50، بحسب قوله.
وبلهجة فرحة، يقول محمد الطاهر الذي أخذ يردد نحو كاميرته “لبيك اللهم لبيك”، هذه لحظات لا تنسى، لم أكن أظن أنني سأكون من بين الـ850 ألفاً الذين اختارهم القدر لتأدية الحج، إنه حلم تحقق”. ويرى الطاهر الذي كان قادماً من “بصرة العراق” أن الحج شعيرة يجب توثيقها لأنها في العمر مرة، كما يقول.
حاج مسن يغتنم لحظة قبل التوجه لعرفة (اندبندنت عربية – عامر عبد الله)
وعلى النحو ذاته؛ ترصد عدسات التلفزة ووسائل الإعلام المحلية والدولية العشرات من الحجاج الذين يرتدون لباس الإحرام الأبيض والسعادة تغمرهم وهم يقضون ليلة الثامن من ذي الحجة بين “سيلفي العمر” والابتهالات والتكبير في انتظار إشراقة يوم الحج الأكبر.
وفي اليوم الذي تقول فيه الروايات الدينية، إن “نبي الله إبراهيم رأى فيه مناسك الحج” يقضي الحاج وقته كمنتظر لبدء التاسع من ذي الحجة للتوجه نحو مشعر عرفات وهو اليوم الأكبر والأعظم لدى المسلمين، وهو كما يقول النبي محمد “الحج عرفة” إذ ينتظر الناس خطبة يومه الشهيرة التي كلف بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز رئيس رابطة العالم الإسلامي محمد العيسى القيام بها في مسجد نمرة بعرفة.
وتقع منى في وادٍ تحيط به الجبال الصخرية، على بعد نحو سبعة كيلومترات من المسجد الحرام، وتتحول كل عام إلى مخيم واسع للحجاج، إذ يقضون فيها أكثر أيام الحج، “التروية، والعيد، وأيام التشريق الثلاثة”.
وفي ذروة الحج، سيتوجه المصلون، الجمعة، إلى جبل عرفات، حيث سيقضون النهار في الصلاة والدعاء تحت الخيام و”مسجد نمرة”، كما فوق “جبل الرحمة” وضواحيه تحت أشعة الشمس، قبل المبيت في مزدلفة ثم رمي جمرة العقبة في منى، وطواف الإفاضة في المسجد الحرام، قبل العودة إلى منى مجدداً للإقامة فيها أيام التشريق لرمي الجمرات، لينهوا بعد ذلك آخر أيام الحج بطواف الوداع حول الكعبة.
حاجة تلتقط صورة سيلفي (اندبندنت عربية – عامر عبد الله)
يذكر أن السعودية قد سمحت لمليون مسلم تلقوا لقاحات مضادة لفيروس كورونا، بينهم 850 ألفاً أتوا من الخارج، بأداء فريضة الحج هذا العام، بعد عامين من تقليص الأعداد بشكل كبير بسبب الوباء.
وعادة ما يكون الحج أحد أكبر التجمعات الدينية السنوية في العالم، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، ويجب أن يؤديه كل المسلمين القادرين مرة واحدة في الأقل في حياتهم.
وتتم هذه الشعائر في ظل إجراءات أمنية مشددة تشمل نقاط تفتيش للشرطة في أجزاء من مكة.