22 الاعلامي – اقيم في المكتبة الوطنية مساء أمس الإثنين 1/7/2024 حفل تكريم الأديب الأردني في المهجر عقيل أبو الشعر “برعاية الدكتور صلاح جرار وبحضور مدير عام المكتب الوطنية الأستاذ الدكتور نضال العياصرة ، وبتنظيم من منتدى المستقبل الثقافي ، شارك فيها كل من الدكتورة هند أبو الشعر، الدكتور عدنان كاظم ، الدكتورة منهى الحراحشة والدكتورة دلال عنبتاوي وأدار الأمسية الدكتورة مرام أبو النادي.
تحدثت د. أبو الشعر عن أعمال عقيل الروائية المطبوعة وهي تسع روايات وديوان شعر فضلا عن كتاب ” العرب تحت النير التركي ” الذي نشره أثناء الحرب العالمية الأولى في باريس ومعزوفات مشرقية ألفها عقيل وراجت في المهجر وانه كان يكتب مقدمات لروايات باللغة الإيطالية ، كما عثر في أحد أعداد جريدة ” الكرمل” التي كانت تصدر في حيفا على قصيدة لعقيل مترجمة عن اللغة الإنجليزية .
وقدمت اضاءة تاريخية تساعد على فهم روايات عقيل وركزت على رواية ” القدس حرة” الفائزة بوسام زهرة المدائن وهي ان الروايات ليست مكتوبة للقارىء العربي وهي مبكرة جدا فرواية ” إرادة الله” تعود إلى عام 1917 في وقت لم تكن فيه الرواية العربية معروفة وعقيل كان مهاجراً ويعيش في جمهورية الدومينكان
وأشارت إلى الجانب الفني فرغم ان الرواية مكتوبة عام 1920 إلا ان عقيل جدد في الشكل الفني بجرأة واعتمد تقاريره الصحفية في جسم الرواية فقد كان يعتمد التقارير المباشرة .
وبينت ان روايات عقيل محملة بثقافة راقية فيها إشارات بلغات مختلفة تدل على ثقافته العميقة في كل من الغات الكلاسيكية ، اللاتينية واليونانية وفي اللغات الإسبانية والفرنسية والروسية متقناً لغته القومية العربية والعثمانية وكل هذه المعرفة وظفها في رواياته وانعكست ثقافته العميقة في الفلسفة وهي تخصصه بأحداث رواياته.
من جانبها تحدث د. حراحشة من جامعة آل البيت عن الحقائق التاريخية التي ألقت الضوء على التأصيل في أدب عقيل أبو الشعر، كما تحدثت عن أبرز سمات الرواية لديه. وقد ذكرت بأن أبا الشعر قد أسس للرواية الأردنية والعربية، ولكن الإعلام لم يعمل تسليط الضوء على إنتاجه.
وذكرت رحلة الأديب في حياته منذ العهد العثماني فثار على الظلم وحث الناس على ذلك بحكم عمله في الصحافة وعن الأعمال التي كان يعمل بها، عاش غربتين عاش وحيدا بعيدا عن وطنه الأم والغربة الثانية وحدته في بلاد المهجر، وأن تعدد اللغات التي كان يتحدث بها جعلت مخزونه الأدبي زاخرا. وهذا من أسباب عدم انتشار أدبه عربيا لكتابتها بلغات أخرى غير العربية.
وتناول د.كاظم موضوع البراعة اللغوية عند عقيل أبو الشعر الذي قال: من المؤكد أن عقيلاً كان يجيد سبع لغات على الأقل وهي: اللغة العربية كلغة أم، واللغة العثمانية، لغة الدولة آنذاك، واللغة اللاتينية، لغة اللاهوت في الدير الفرانسيسكاني حينها، واللغة الفرنسية والإسبانية والإنجليزية والإيطالية، وكان يكتب ببراعة بكل لغة أجنبية يجيدها كما لو كانت لغته الأم، بل وأكثر من ذلك، كان ينتقل في النص الواحد وأحياناً في الفقرة الواحدة بين ثلاث أو أربع لغات دون اختلال ترابط وانسيابية النص ومعناه، ولعل من قرأ روايتَي “القدس حرة” و”إرادة الله” لاحظ ذلك بوضوح، حيث كان الكاتب ينتقل بين اللغة الإسبانية واللاتينية والفرنسية والإنجليزية ببراعة عجيبة مع الحفاظ على ترابط النص ومضمونه كما لو كان مكتوبا بلغة واحدة. وقد طرح ذلك مشكلة كبيرة في عملية الترجمة إلى اللغة العربية، إلا أنها كانت تحديا قويا للمترجم د. كاظم الذي أفلح بتميز بنقلها إلى العربية.
وقدم سمات عقيل أبو الشعر الأخلاقية فقال: ، كان لنشأة عقيل الدينية وعشقه للحرية أثراً واضحاً في كتاباته، ففي جميع رواياته التي وجدناه حتى الآن وهي: القدس حرة وإرادة الله والانتقام، يمزج فيها موضوع الدين والرموز الدينية بالسياسة ورموزها، فنرى مثلاً في رواية القدس حرة كان محورها القدس كمدينة مقدسة وبستان الجسمانية المقدس وكنيسة القبر المقدس والجلجلة وهو موضع الصخرة التي يُعتقد أنه قد صُلب عليها المسيح عليه السلام، إضافة إلى بعض رجال الدين والمتدينين من الحجاج من العالم المسيحي، يقابل ذلك من الجانب السياسي الاحتلال الإنجليزي-الصهيوني للمدينة المقدسة وتصرفات جنود الاحتلال المقيتة وتصرفات حاكم القدس العثماني، ومجاميع الثوار ونضالهم ضد المحتل، كما ضمنها بعض المشاهد الغرامية وجوانب الحياة الاجتماعية. ولا ندري إن كان عقيل قد قصد كتابة رواية بعناصرها الفنية المتكاملة، حيث أشار في مقدمة مختصرة عنونها (إلى القارئ) بين فيها أن ما كتبه يعتمد على تجربته الشخصية، وانه وصل إلى الأرض المقدسة في أواسط عام 1920 م كمراسل لصحيفتين أوروبيتين، وأنه رأى أثناء إقامته بالقدس مأساة محزنة لممارسات سلطة الاحتلال البريطاني، وأشار إلى أنه لم يتمكن من تسريب مشاهداته كلها للصحافة بسبب رقابة المحتل البريطاني، لذا فقد كتبها ضمن رسائل عائلية، وبعد عودته إلى باريس قام باسترجاع تلك الرسائل وصياغتها في رواية، واعتبرها (سردا مبسطا يخلو من التكلف والصنعة الأدبية) ويعود سبب هذا الحكم إلى أنه اعتمد أحيانا إيراد التقارير الصحفية التي كان يكتبها للصحيفتين، ولكن ما قدمه يحمل عناصر الرواية بامتياز.
وطرحت د. عنبتاوي موضوعا نقديا يتعلق بالوصف لدى عقيل أبو الشعر وعلاقته بالسرد، متشعبة بها إلى محورين، الأول الوصف لشخصيات رواية القدس حرة إذ لاحظت د. عنبتاوي أن عقيلا قد لجأ إلى نوعين من الوصف في الشخصيات: الوصف الخارجي وهو ما يرتبط بالأحداث وتحركاتها في الرواية أما الوصف الثاني فقد كان داخليا وهو ما يرتبط بالمشاعر والسمات والانفعالات والصفات لكل شخصية.
وعرجت إلى الحوار الداخلي الذي يكشف الشخصية، فتظهر ملامح النفس الإنسانية من خلال هذه التقنية واستعرضت نموذجا كدليل على ما جاءت به من الوصف للشخصيات.
وكان المحور الثاني للوصف يتعلق بالوصف المكاني، وقد أردفت بأن الأديب أبو الشعر كان سخيا ودقيقا بوصف الأماكن كمدينتي القدس وأريحا.