تصويت المغتربين .. لبنان نموذجاً
22 الإعلامي- د. ليث كمال نصراوين
انطلقت قبل أيام المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية اللبنانية، حيث قام المقترعون اللبنانيون بالإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع التي تم فتحها لهم في السفارة اللبنانية في عمان.
ويأتي هذا الإجراء كخطوة أولية قبل أن تبدأ العملية الانتخابية بشكلها الرسمي داخل لبنان مطلع الأسبوع القادم، حيث تعتبر هذه هي التجربة الثانية التي يُسمح فيها للمغتربين اللبنانيين بالمشاركة في الانتخابات النيابية. فالبدايات كانت في عام 2018، ليتم بعدها ترسيخ هذه الممارسة الدستورية في انتخابات عام 2022، والتي شهدت زيادة كبيرة وصلت إلى ثلاثة أضعاف أعداد الناخبين المسجلين للانتخاب في الخارج.
وقد تضمن قانون الانتخاب اللبناني لعام 2017 نصوصا إجرائية تُكرس الحق للمغتربين اللبنانيين بالمشاركة في الانتخابات تسجيلا واقتراعا، حيث ينص القانون صراحة على حق كل لبناني غير مقيم على الأراضي اللبنانية بأن يقترع في مراكز انتخابية يتم فتحها لهذه الغاية في السفارات أو القنصليات في الخارج، أو في أي أماكن أخرى تحددها وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية.
وعلى خلاف قانون الانتخاب الأردني الذي يعتمد مبدأ التسجيل الذاتي وبحكم القانون، فإن القانون اللبناني يشترط صراحة على اللبنانيين الراغبين في المشاركة في الانتخابات أن يبادروا إلى تسجيل أسمائهم كناخبين، وذلك إما من خلال حضورهم الشخصي للدوائر المعنية، أو بموجب تفويض خطي، أو من خلال التسجيل الإلكتروني عند اعتماده.
وكما هو الحال بالنسبة لقوائم الناخبين المحلية، فإن القانون اللبناني يشترط أن يتم نشر أسماء الناخبين الذين أبدوا رغبتهم في الاقتراع في الخارج، بحيث يكون لكل ذي مصلحة الحق في الاعتراض على هذه القوائم الانتخابية وفق الأسس والقواعد التي تسري على الاعتراضات المقدمة على جداول الناخبين الوطنية. كما تطبق على عملية الاقتراع في السفارات والقنصليات في الخارج الإجراءات ذاتها التي يتم العمل فيها داخل مراكز الاقتراع الوطنية، من حيث آلية التحقق من شخصية المقترع وضمانات النزاهة والشفافية، والتي تصل إلى حد السماح لمندوبي المرشحين بالتواجد داخل مراكز الاقتراع والفرز بعد حصولهم على التصاريح الخاصة بذلك.
وبعد الانتهاء من عملية الاقتراع يتم فرز أصوات الناخبين داخل السفارات والقنصليات بحضور المندوبين والمراقبين ووسائل الإعلام المعتمدة، حيث يجري تنظيم محضر رسمي وعلى نسختين اثنتين يرفق بهما بيان بنتائج الفرز، عدد الناخبين المقترعين وعدد أوراق الاقتراع المستعملة، وتلك التي تقرر إبطالها. ويتم الاحتفاظ بنسخة من هذا المحضر في السفارة أو القنصلية المعنية، على أن ترسل النسخة الثانية وعلى الفور مع المغلفات الخاصة بأوراق الاقتراع وباقي المستندات الانتخابية إلى مصرف لبنان، وذلك من خلال وزارة الخارجية والمغتربين.
ولا يقتصر الأمر في قانون الانتخاب اللبناني على السماح للمغتربين بالاقتراع، بل أنه قد حدد ستة مقاعد في مجلس النواب لغير المقيمين، يجري تحديدها بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين وفق قرار يصدر بهذا الخصوص عن مجلس الوزراء.
إن هذا التطور في عملية الاقتراع الذي شهده لبنان خلال السنوات الماضية، يدعونا إلى التفكير الجدي في إعطاء الأردنيين في الخارج الحق بالمشاركة في الانتخابات النيابية، وذلك من خلال اعتماد السفارات والقنصليات الأردنية في الخارج مراكز اقتراع وفرز لهم وفق أحكام القانون.
فالإصلاح السياسي في مجال الانتخاب يجب ألا يقتصر فقط على تحديث النظام الانتخابي المتبع، بل يجب أن يتسع نطاقه ليشمل توسع شريحة الناخبين بما يتوافق مع الديمقراطية النيابية بأنها ديمقراطية تمثيلية.
وما يشجع على تبني هذا المقترح أن النظام الانتخابي الذي كرسه قانون الانتخاب الجديد لعام 2022 المتمثل في القوائم المحلية على مستوى المحافظة والقائمة الوطنية الحزبية، من شأنه أن يُسهل من إجراءات الاقتراع واختيار الأردنيين غير المقيمين لمرشحيهم في الخارج، حيث يتم احتساب الصوت للدائرة الانتخابية المحلية وفق ما يحدده القانون، على أن يكون الصوت الثاني للقائمة الحزبية الوطنية على مستوى الدائرة الانتخابية العامة.
(الراي)