لنصارح الناس ونستعد للأصعب
22 الإعلامي- عمر عليمات
لا أحد متفائل بما ستحمله الفترة المقبلة بخصوص أزمة الطاقة وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية العالمية وارتفاع نسب التضخم إلى حدود غير مسبوقة، مع توقعات بحدوث ركود في الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 75% على مدى الأشهر الـ18 المقبلة، وما سيتبع ذلك من ارتدادات على كافة دول العالم.
الحديث عن ركود اقتصادي قادم لم يعُد مجرد تحليلات بل أصبحت الكثير من الدول تشهد بدايته بشكل واضح، مع تزايد التخوف الأوروبي من صعوبة وقسوة الشتاء المقبل وتداعيات ذلك على سلاسل التصنيع والتوريد، يضاف إلى ذلك الضغوط الاجتماعية التي باتت تثقل كاهل الكثير من الشعوب نتيجة الظروف الحالية.
محلياً لا يمكن فصل الأردن عن هذه التداعيات وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية، والأوضاع الحالية وصلت إلى حدودها القصوى، بحيث لا يمكن للناس تحمل أي أعباء إضافية جديدة، في ظل ارتفاع معدل التضخم السنوي في الأردن إلى 5.2% خلال شهر حزيران الماضي، ليسجل أعلى مستوياته منذ عام 2018.
الأوضاع الأردنية ليست استثناء فالجميع متضرر مما يحصل نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وقبل ذلك جائحة كورونا، إلا أن الأوضاع عندنا تختلف نوعاً ما كونها لم تأت بعد سنوات سمان، إذ أن الفترة الماضية كانت صعبة جداً مع تلاشي فرص الحصول على وظائف تخفف من آثار البطالة والفقر، بحيث أصبحت أزمتنا مركبة إلى الحد الذي تشابكت فيه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية لتنتج معضلة معقدة ليس من السهل التعامل معها.
لا أحد يريد أن ينتقد من أجل الانتقاد، فالأوضاع عالمية الطابع والمشكلة ليست حصراً علينا، ولكننا أمام تحديات كبرى، لا يكفي معها العمل وفقاً لخطط اقتصادية واجتماعية عادية، فما نحتاجه اليوم فعلياً خطة طوارئ اقتصادية قادرة على التخفيف من حدة الغلاء وتزايد نسب الفقر والبطالة، فالعاقل مَن يدرك أن الأمور باتت على الحافة، ولا يتمنى أحد أن ننزلق إلى أوضاع أكثر صعوبة، وعلى الحكومة أن تدرك أن حضنها مليء بالمشاكل القابلة للاشتعال والانفجار في أي لحظة، وعليها أن تضع في حسبانها أن الظروف العالمية تتعقد بشكل متسارع ومتزايد لذلك فإن مواجهة الأوضاع الحالية يجب أن تُبنى على خيارات محلية صرفة لنتمكن من عبور هذه المرحلة بأقل الأضرار.
حالة التشاؤم التي تسيطر على الشارع يجب أن تقرأ في سياقاتها الأوسع والأشمل، والحديث عن الأوضاع العالمية التي تؤثر على الجميع لن تقنع المواطن العادي الذي لم يعُد بوسعه تحمل توفير أساسيات الحياة اليومية، وهذا ما يتطلب من الحكومة خطاباً أكثر واقعية ومنطقية وفيه من الشفافية والحقائق أكثر، فالمواطن همه اليوم وغير معني بمراحل مقبلة، والجميع يتحدث عن عنق الزجاجة الذي لم نخرج منه منذ سنوات طويلة كانت الظروف فيها أفضل بكثير مما هي عليه الآن.
باختصار، التقديرات العالمية في غالبيتها تؤكد أن الأسوأ لم يأت بعد، وأن القادم يحمل من الأزمات الكثير، وعلى الجميع أن يستعد للتعامل مع أزمة «رغيف الخبز» فالناس قد تصبر على البطالة والفقر وضنك الحياة، ولكن لا أحد يصبر على عدم توفير لقمة العيش لأطفاله.
الدستور