22 الاعلامي – بقلم العين عبدالحكيم محمود الهندي
ما يقوله الواقع إن “الدنيا” من على بكرة أبيها، مشتعلة حول الأردن.
وما يقوله الماضي “القريب جداً”، إن الأردن يكاد يكون الدولة الوحيدة التي نجت من “الفتن” الكبيرة التي ضربت بلدان المنطقة لا سيما منذ اندلاع ما سمي بـ “الربيع العربي” ليثبت لاحقاً أن أصابع خفية أشعلته بعناوين برّاقة مثل التغيير للأفضل والحرية والعيش الكريم، ثم تبين لاحقاً أن “الطبخة” لم تخرج إلا من تحت أيدٍ خبيثة لم تُرِد لهذه الأمة سوى الويل والخراب حتى تتربع على عرش السلطة وتتعمّق أكثر في تنفيذ الأجندات الخبيثة.
نعم، نجى الأردن، لكن سراً كبيراً كان وراء تلك النجاة، وهو “اللغز” الذي يُميّز هذه البلد دوناً عن غيرها، فعند كل محطة، وفي كل منعطف خطير، تجد الشعب الأردني، وبلا تردد، يرجع إلى ذلك الترياق الذي حيّر الصديق قبل العدو، وهو “الوحدة الوطنية” التي يؤمن كل أردني بأنها ملاذه الأخير، وأما العنوان العريض لهذه الوحدة فيكمن في الالتفاف فوراً خلف القيادة الهاشمية وربّانها الأول، جلالة الملك عبدالله الثاني، فيركن الشعب، آمناً مطمئناً، إليها مُتكئاً على حكمتها، ومستنداً على بعد نظرها، فهي قيادة ضاربة في التاريخ، وسطّرت في كل المحطات التاريخية، لا سيما تلك التي عصفت بكل العالم وليس المنطقة فحسب، فرست بالأردن على بر الأمان، بل وكنا في كل مرة، نخرج أكثر قوة.
وها هو التاريخ يُعيد نفسه، فمركب الوطن يسير، والحمدلله، بكل أمان وثقة رغم عِتي الأمواج التي تتلاطم من حولنا، لكن قائدنا يَمخُر بمركبنا عَباب البحر الهائج غير آبهٍ إلا بالأردن والأردنيين ومصالحهم وأمانهم واستقرارهم، في الوقت الذي يمد يد المساعدة لكل من يطلبها من الأشقاء، فيما فلسطين الأبية، وغزة “المكلومة” ما زالت عنوان دبلوماسية جلالة الملك وتحركه، بل وهمّه حتى يتوقف نزيف دماء الأشقاء الطاهر، وليتحقق حلمهم بالحرية والتحرر والحياة الكريمة.
على طول الأيام الماضية، بل والشهور، دخلنا في نقاش وطني عريض حول ما يجري من حولنا لا سيما في غزة وفلسطين، وحتى في لبنان الشقيق الذي أكد جلالة الملك وقوف الأردن المطلق معه، وفي خضم هذا النقاش، فيكفي أن يتذكر الأردنيون بأن الوحدة الوطنية الجامعة، هي سقفنا الذي نتوقف عنده جميعاً، وهي الخط الفاصل الذي يتوقف عنده كل نقاش، فوحدتنا وتماسكنا وحماية وطننا قضايا لا تحتمل وجهات نظر، بل هي ثوابت، وخيمة كبيرة نستظل بظلها، فلندع إذن كل شيء الآن، فهي مرحلة حساسة وفاصلة في تاريخ المنطقة، ولنمسك على وحدتنا الوطنية بالنواجذ، ولتكن هذه اللحظة، برغم صعوبتها، محطة أخرى نتعداها بالوطن آمنين، ولتُخلد في كتب التاريخ كما خَلّد آباؤنا وأجدادنا تخطيهم للحظات أكثر صعوبة، بين ثنايا كتاب الوطن.
وأختم بأن أقول إن وحدتنا الوطنية هي الصخرة التي طالما تكسرت عليها الفتن والمؤامرات، وهي ضماننا الوحيد بأن نبقى الأكثر لُحمة وصلابة رغم أمنيات وأحلام كثيرين لا سيما أولئك الذين طالما حَوّلنا أمانيهم إلى خيبات، وأحلامهم إلى كوابيس.