اخرى
أخر الأخبار

المرأة اللبنانية تواجه التحديات الاقتصادية وتحقق إنجازات نوعية

22 الاعلامي-  (بترا+فانا)-انطوانيت أبو الياس-كانت المرأة اللبنانية وما زالت تقوم بواجباتها وتتحمل مسؤولياتها وتواجه التحديات الاقتصادية. تسعى إلى الحصول على حقوقها وإثبات وجودها في المجالات المختلفة، وقد استطاعت الانخراط في مجالات لطالما اعتبرت حكرا على الرجل.
وحققت المرأة اللبنانية خلال العام الجاري إنجازات كثيرة، منها الإنجاز النوعي الذي تمثل بإعلان قيادة الجيش اللبناني التلميذ الضابط جنى صادر أول امرأة تبدأ مسيرتها المهنية بقيادة طائرة القتال الهجومية سوبر توكا A-29، وتعتبر هذه الظاهرة من النجاحات النسائية الباهرة التي تمثلت باقتحام أياد ناعمة لقمرة المقاتلات وتحتل مكانتها بين الرجال.
أمّا الإنجاز الثاني خلال العام الحالي، فتمثل بتبوّء سيدة منصب محافظ للمرة الأولى، بعدما تسلمت الدكتورة هويدا الترك منصب محافظ النبطية، ما يدل ان المرأة لا تقل شأنا عن الرجل في إدارة المحافظة، كما أثبتت المرأة اللبنانية إمكاناتها وقدراتها في تحمّل المسؤوليات كافة، التي يمكن أن تلقى على عاتقها، وعلى الرغم من ذلك، لا تزال تعاني إجحافا في حقها، ومن التمييز بينها وبين الرجل في معظم القوانين التي تحرمها من حقها في المشاركة في الحياة السياسية وفي الحصول على حقوقها كاملة.
ويعتبر الوقت اليوم هو لمراجعة الأسباب التي حالت دون تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في مجتمعنا، بحيث تكون النساء قادرات على التأثير على التوجهات التي يسلكها المجتمع تماما كما الرجال، فالمساواة لا تقتصر على الحقوق التي ينبغي أن يضمنها التشريع وأن تعمل بموجبها المؤسسات، بل هي أيضا مساواة في القدرة على الفعل والتأثير على رسم الحياة الشخصية وعلى المساهمة في تحديد توجهات الحياة العامة.
إن تحرير النساء من الخوف في مجتمعنا، هو الخطوة الأولى لتمكينهنّ من إدارة حياتهّن، ومن التصرف كعنصر فاعل ومؤثر في المجتمع، بالإضافة الى تأمين سبل تعزيز مشاركتهنّ في الحياة العامة في المجال السياسي والاقتصادي والبيئي وعلى الصعيدين الوطني والمحلي، وفي توفير الصحة لهنّ، واكتساب العلم وإيجاد بيئة ثقافية داعمة ومساندة لقضاياهنّ.
وعلى صعيد فرص العمل؛ فمعظم فرص العمل اليوم أصبحت تتطلّب مستويات متفاوتة من المهارات التكنولوجية. ويتميز لبنان في هذا المجال بتوفر مهارات عالية لدى القوى العاملة، ومع ذلك تظهر في لبنان الفجوة التي تلاحظ عالميا، في عدم تكافؤ تواجد النساء مع الرجال في قطاع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، فبموازاة تفوّق عدد النساء على عدد الرجال في التعليم الجامعي، يلاحظ توجه الغالبية العظمى من الطالبات إلى التخصص في مجالات التربية والرعاية الصحية والعلوم الإنسانية والفنون، فيما تقل أعدادهنّ في التخصصات العلمية.
إن التحديات الاقتصادية هي في قائمة التحديات التي تواجهها النساء اليوم في لبنان، تليها التحديات الاجتماعية والتحديات النفسية، فيما جاء الغذاء والدخل في سلم أولويات الفتيات والنساء، ومن المهم لديهنّ أن تحصل عائلاتهنّ على الغذاء وتأمين الدواء الذي أصبح ثمنه باهظا جدا، فالسيدة اللبنانية نسيت نفسها في هذه الأوضاع، وأصبحت تتجاهل أولوياتها، فهنّ يحملنّ الكثير من المسؤوليات في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها لبنان.
إن سوء الأوضاع الاقتصادية ينعكس سلبا على الأوضاع داخل العائلات اللبنانية، وقد انعكس ذلك أيضا على النساء خصوصا، وزاد من تعرضهنّ للعنف المنزلي، وفق الإحصاءات التي أظهرت أن العنف الاقتصادي هو أكثر أنواع العنف الذي تعرضنّ له، وهن يعانينّ من صعوبة تأمين الحاجات الأساسية لأطفالهنّ كالحليب واللباس. مما يسبب لهنّ الضغط النفسي والتوتر بشكل دائم ويؤدي في بعض الأحيان إلى عنف متواصل داخل المنازل.
وفي مجال الحياة السياسية، استطاعت المرأة اللبنانية الانخراط في الحياة السياسية في الأعوام الماضية، لكن مشاركتها فيها لا تزال خجولة، حتى إن المجالس النيابية اتسمت بضعف تمثيل المرأة ما وضع لبنان في المراتب الأخيرة عالميا على صعيد مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي؛ فالمرأة اللبنانية الراغبة في العمل في الشأن العام وتبوّء مراكز قيادة بحاجة أن تحصن نفسها نفسيا وعاطفيا لأي موقف يمكن أن تتعرض فيه للعنف اللفظي كامرأة لدى الدخول في أي جدل، وثمة تجارب عدة لنساء في هذا المجال عندما خضن العمل السياسي؛ فمشاركة المرأة لا تحصل بطريقة متساوية مع الرجل بوجود كل هذه التحديات أمامها وبوجود القوانين المجحفة في حقها.
ومن هنا، كان المطلب الأساسي بتعديل قانون الانتخابات لتضمينه كوتا نسائية لضمان وصول النساء إلى الندوة البرلمانية. إلا أن القانون لم يناقش في المجلس النيابي اللبناني، ولم يعط الأهمية الكافية.
وعلى الصعيد الوطني، إن الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية عملت خلال العام 2023 على إطلاق نتائج استطلاعات الآراء في لبنان حول “العنف ضد النساء والفتيات، والابتزاز والتحرش الإلكتروني، والتحرش الجنسي”، والتي تندرج ضمن باروميتر المساواة بين الجنسين في لبنان في إطار مشروع “مكافحة العنف ضد النساء والفتيات في لبنان والحؤول دون وقوعه” الذي تنفذه الهيئة الوطنية بالشراكة مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) ضمن برنامج مموّل من الحكومة الألمانية.
كما قامت بتنظيم طاولة مستديرة افتراضيه ضمن خطة عمل المرصد الوطني للمساواة بين الجنسين في لبنان 2022-2023، تم خلالها استعراض الخبرات الدولية وتقديم المقترحات وتعزيز تعاون المرصد الوطني للمساواة بين الجنسين في لبنان مع المؤسسات المماثلة في تونس وفرنسا وذلك بدعم من مشروع ال (EU4WE) الذي تنفذه (Expertise France) بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
وعقدت كذلك، سلسلة لقاءات تدريبية مع سيدات راغبات في الترشّح للانتخابات البلدية المقبلة في عدد من البلديات موزعة على المحافظات اللبنانية كافة، وذلك في إطار مشروع “تعزيز المشاركة السياسية للنساء على الصعيد المحلي في لبنان.
كما نظمت سلسلة جلسات توعوية في عدد من الثانويات الرسمية في مختلف المحافظات اللبنانية استهدفت 6000 طالبة و4000 طالب، وذلك استكمالاً لمشروع “فتيات متمكّنات وقادرات: التعليم للجميع” الذي يرمي إلى الحؤول دون التسرّب المدرسي والتزويج المبكر للمراهقات وحماية الفتيات من أشكال العنف كافة.
وعقدت الهيئة سلسة من اللقاءات التشاورية في إطار تنفيذ الخطة الوطنية لتطبيق القرار 1325 حول المرأة والأمن والسلام بالإضافة الى لقاءات تشاورية في إطار الإعداد للاستراتيجية الوطنية للمرأة 2023-2030 وتنظيم طاولة مستديرة لتبادل الآراء والخبرات حول السبل المعتمدة في دول الاتحاد الأوروبي للوقاية من التحرش الجنسي ومكافحته ومعاقبة مرتكبيه.
المرأة تشكّل نصف المجتمع، وتقوم بكل واجباتها، وتتحمل مسؤولياتها كافة في الدولة والمجتمع، تماما كالرجل. فكما لها واجبات تتحملها، لها حقوق يجب أن تعطى لها، من هنا علينا بناء مجتمع لا يميز بين فئاته ولا بين نسائه ورجاله، مجتمع يسوده قانون عادل، تُقدّس في ربوعه كرامة ألإنسان، وتُحترم فيه حقوق النساء كما الرجال، بلد يحكمه رجاله ونساؤه حسب قواعد الحوكمة الصالحة.
(بترا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى