“حمر مستنفرة”
عبدالله خازر
قد أكون أنا أو أنت عزيزي القارئ ممن وقع عليه ظلم أو أوذي بكلام جاهل أحمق أو فعل سفيه، دعنا نقولها له “إن الصمت لا يعني ضعفًا وخوَرًا”، ونذكره بما قاله الشافعي رحمه الله: –
- قالوا سكتَّ وقد خوصمت قلت لهم إن الجواب لباب الشر مفتاح
- · فالعفو عن جاهل أو أحمق أدب نعم وفيه لصون العرض إصلاح
- · إن الأسود لتخشى وهي صامته… و” الكلب” يحثى ويرمى وهو نبّاح
لا تستعجل قدرك!، فألوانك ليست بالجميلة كما تراها، مهما حلقت ستنفجر، بسبب أطرك الضيقة، نبراتك بالكاد تخرج، ولن تقدر على شيء، أرح نفسك من عناء الخروج في جنح الظلام، لن نكترث مهما علا عويلك، لا تكن كـ “حارس قطيع”، يهرف بما لا يعرف، فصوتك لا يتجاوز حدود مكانك، وهل يخشاك الليث؟.
كثيرون حاولوا، والاندثار كان مصيرهم، لا يقوون على المواجهة، ويستترون في جنح الظلام، نصيحتنا قف وراجع حساباتك، وتأمل مسيرتك ستعرف أين أنت والآخرون أين؟، لن تلحق بهم لأنك اعتدت على زاجرات سيدك، وستبقى رهينة للماضي، غير قادر على التحرر، اتحداك أن استطعت، وستثبت لك الأيام صدق ما أقول.
نحزن عليك ونشفق على الحجارة احترامًا لجمادياتها، التي تئن من جلدك، فتقديرًا لأحاسيسها، التي تفتقدها أنت تعالينا على أنفسنا وجراحها، كي لا نسبب الألم لحجر لا حول ولا قوة له.
تأكد أن مهمة “تجحيشك” لتمضي مع القطعان بسلام ليست بالشاقة، ومرت بمراحل سهلة، حيث منحت محدودية أفقك سجّانك الفرصة، ولم تواجهه صعوبات، فكانت في غاية البساطة، وما أخشاه أن تعقر بمن سمنك، فهناك نهايات مؤسفة عبر التاريخ لكلاب عقرت بأصحابها.
لا تغتر بمظهرك، فما أنت سوى وسيلة صنعت ليمتطيها الآخرون، وكن على ثقة بأنك ستنفجر، لأنني كما اخبرتك في البداية أنت مخلوق هلامي، مهما نفخت فلن يتجاوز أفقك قيد أنملة.
سبحانك إلهي ما أعظمك.. لقد خلقت الداء والدواء.. سبحانك ما أعدلك.. نهايتك يا “سلطان” زمانك تكمن في نفخك، فكل شيء خلق بمقدار، ونحمد الله أنك صنعت هشًا، لتواجه قدرك على وقع صراخك، الذي لم يعد خافيًا، فاصرخ كما شئت، ستكتب نهايتك.
عجبًا، الم تسمع بحكمة الأجداد حينما قالوا “كلب الشيخ.. شيخ”، والعيب فيك، لأن جلادك وضعك بغير مكانك، مسكين لا يعلم أنه يقتلك، لا يسمع استغاثتك، فهو أصم أبكم أعمى، يرى الدنيا بالتلمس والتحسس، لهذا صدق الكاذب وكذب الصادق.
قليلون هم فلاسفة عصرك وفرق كبير بين “عواء الحمير.. ونهيق الكلاب”، وقواسم مشتركة بينهما فلا تستعجب أيها القارئ من تناقضات المفردات وغرابتها، فقد أضحت الكلاب تهذي بكافة الأصوات، تارة تنهق، وتارة تصهل، وتارة تعوي، وتارة تزمجر، كن على يقين بإن لغتها لن تسود، مهما طال الزمان أو قصر، فستنخرس مجددًا لننعم بنوم عميق.
مناسبة ما أقوله هو أن صديق سألني عن أنواع الكلاب، فبادرت بالاستفسار منه لأعرف سر سؤاله، لكنه مضى وتركني في حيرة من أمري، أفكر بطرحه ومغزاه، فقلت أيًا منها تقصد، فلم يجب.
وعلى مدار شهر وأنا أفكر لمعرفة ما يدور في مخيلته، إنه يعاني من ضراوة كلاب الراعي، التي قضت مضاجعه فنباحها آخذ بالتعالي، كم أنت مسكين، الظاهر أنك تقطن في منطقة تنتشر بأرجائها حظائر القطعان، التي تغص بكلاب رعاتها، من يخرسها؟.
قد تتألم من عضتها لكنها سرعان ما تزول، يكفيك فخرا أنها تختبئ في جحورها عند رؤيتها للذئاب لا الأسود، وتتوارى خلف سيدها، لا تجرؤ على الخروج في وضح النهار، دعك منها فهي ليست جديرة بالاهتمام، فالكلاب تعوي… والقافلة تمضي.
مستشار إعلامي
News_1977@hotmail.com