مقالات

الاشاعة ظاهرة تدق ناقوس الخطر

22الاعلامي-د. فريال حجازي العساف

يشير مفهوم الاشاعة الى حدث او خبر او مادة تنتشر بشكل مكتوب او مصور او مسموع او بالأشكال مجتمعة لتعبر عن موقف ما و/أو تنشر معلومات إزاء قضية ما يتم تداولها بين مجموع كبير من الافراد تتصف الاشاعة بالتهويل او التشويش او حتى البهتان للقضية برمتها و ويرتبط مضمونها بالأحداث اليومية ويكون الهدف من نشرها دفع الافراد الى الاعتقاد بصحتها بدون استقصاء او تحقيق او تأكد و يتم توظيفها في سياقات تتسم بالغموض والخطر والتهديدات المحتملة في ظل غياب المعلومات من مصادرها الامر الذي يؤدي الى خلق رأي عام مشوش وفتح نقاش وجدال واسع بين الناس مما يؤثر في سيكولوجية التفكير لدى الجماهير.
يتمثل الهدف الرئيسي في اطلاق الاشاعات الى تضليل الافراد والتلاعب بهم على المستويين العاطفي والمعرفي حيث تؤثر الاشاعة على الجانب العاطفي بإحداث ردات الفعل من خوف او غضب او قلق او سخرية ،.. الخ بينما تتلاعب في الحالة الثانية بقدرة المستهدفين على اصدار حكم موضوعي حول الموضوع من خلال التأثير على مستوى ادراكهم وتحليلهم للموضوع .
البيئة الخصبة الحاضنة لتداول الاشاعة تجد نفسها في مراحلها الأولى حيث ان العديد يتداولون الاشاعة بحرية وربما برغبة أحيانا كون ان الاشاعة تعبر في بعض الأحيان عن حاجة عاطفية أو معرفية فتداول الاشاعة غالبا ما يسبقه وجود سياقات مهيأة لاستقبالها. بمعنى اخر وجود رغبة بتصديق الاشاعة هو ما يسهل انتشارها بسرعة وهو ما يجعل الفرد ناشراً لها بل ربما مبدعا في توسيع دائرة انتشارها والمثال الأكثر تعبيرا عن هذا التوجيه هو ما يسمى بنظرية المؤامرة والتي تقوم على ثقافة غير عقلانية من الاعتقادات الهجينة حيث تتعايش الآراء الأكثر عقلانية مع تلك الأكثر عبثية والامر الذي يؤدي الى استنتاجات غير مؤسسة عقلياً.
شبكات التواصل الاجتماعي احدى حواضن الاشاعات أوجدت ما يسمى المواطن الصحفي لما توفره هذه الفضاءات الافتراضية من اشكال مختلفة للتفاعل بواسطتها بين بني البشر ولقدرتها على تحرير الافراد من الاكراهات بكل أنواعها من خلال انشاء الحسابات الوهمية او الدخول بأسماء مستعارة او انتحال الصفات فاتحة بذلك إمكانيات هائلة لمحاكاة الحياة الفعلية. كانت نتيجة المعلومات المقدمة للري العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي تقديم العديد من الاخبار المزيفة والكاذبة كان لها تأثيرات سلبية عديدة على المجتمع اذ اصبحت احدى الظواهر المستحدثة داخل المجتمع الأردني يأتي ذلك في ظل غياب وتأخر بث الخبر الصحيح او تسريب فيديوهات وصور ذات علاقة مع تحليلات غير مهنية او ملفقة
بلغت خطورة هذه الظاهرة وتأثيرها في المجال العام الأردني الى درجة دفعت جلالة الملك عبد الله الثاني الى نشر مقال مهم في الثلاثين من تشرين الثاني لعام 2018 تناول فيه هذه الظاهرة وحذر بذات الوقت من تداعياتها السلبية العديدة اذ تحدث عن انتشار الاشاعات والاخبار الملفقة وما تخلفه من أفكار سلبية وغير مسؤولة والحاق الضرر بصناعة الرأي العام والذي وصل الامر من منطلقي الاشاعات ومروجيها الى مستوى الفبركة والتشكيك والادعاء اذ عد الاخبار الملفقة و /أو الاشاعة وقوداً يغذي أصحاب الاجندات ومستهدفي امن الوطن لاستقطاب الرأي العام والمتابعين وتصفية حسابتهم على حساب الوطن مؤكداً بذات الوقت على ان هذه الظاهرة تساهم في تكوين الشعور بالإحباط والسلبية وتخييم جو من التشكيك والارباك والتشاؤم على المجتمع
في الجانب القانوني وبهدف ضبط عملية الاشاعات وانتشارها و محاولة الحد من الانفلات الذي حدث في وسائل التواصل الاجتماعي توفر القوانين الوطنية الحماية ضد اغتيال الشخصية وانتهاك الخصوصية للفرد وتوقع بذات الوقت العقوبات الجزائية على مطلق الاشاعة ومتداولها و نجد ذلك في قانون الجرائم الالكترونية وقانون المطبوعات والنشر وقانون العقوبات أتت تلك القوانين لتوعية نشطاء الفضاءات الرقمية بخطورة نقل المعلومة غير المتأكد منها و /أو النقد الشخصي للأفراد أيا كانت صفاتهم مما يعزز حماية الخصوصية الى حد ما.
لكن يبقى الجانب الوقائي هو الأهم من خلال سرعة تقديم الخبار والمعلومات من الجهات الرسمية وخلال تبني استراتيجية وسياسات عامة لضبط المعرفة وتعزيز التوعية القانونية للأفراد وتنمية البرامج الإعلامية التي تصقل قدرة شريحة واسعة لتمكينهم من تمييز الاخبار بين صحتها ودقتها من جهة وبين خطأها وتشوشيها من جهة أخرى.

المصدر-الدستور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى