مادة الفلسفة في المدارس. ما هو الجديد؟
22 الإعلامي- د. فريال حجازي العساف
كثٌر الحديث والعمل مؤخراً على تطوير المناهج المدرسية ولعلّ الخطوّة المتقدّمة التي خطتّها لجنة الدّراسات الاجتماعيّة في مجلس التربية والتعليم باتخاذ القرار باستحداث مادة الفلسفة والتعليم بالمرحلةالثانوية إلى جانب تدريسها عبر جميع المواد الدراسيّة في المرحلة الأساسيّة خطوّة في الجانب الصحيح.
عموماً لا ريب ان تدريس مادة الفلسفة في المناهج المدرسية سواء كان بشكل مادة مستقلة او مدّمجة ضمن دورس وحصص متخصصة للطلبة يحقق عائدا بشرياً وعلمياً محققاً لا محالة يحاكي التقدم والتسارع في عصر العولمة والتعليم التقني الذي نعيشه اليوم.
الفكرة الأساسيّة التي تدور حولها عملية تدريس مادة الفلسفة هو السعيّ الى تحرير العقل البشريّ من عدة مؤثرات سلبيّة كان لها أثراً على طريقة التعليم والتعلّم منها : طريقة تعليب التلقين في التعليم وإعادة تدويره والنمطية في التفكير والخطوة بإعادة تدريس مادة الفلسفة تسعى الى بناء عقل بشري قادر على معرفة كيف تُبنى الحجّة و طريقة بناء وجهة نظر والنأي به عن التسجيلية وافراغه من الخواء الروحي ومعرفة فن التساؤل -لماذا وكيف وأين ومتى – لأن التساؤل هو مفتاح المعرفة والجواب عليه اكتشاف وابداع ونتاج للمعرفة .
لا جدال انّ الطالب المدرسيّ في مراحل تعلّمه المبكرّة منها تحديداً هو مفكّر بفطرته وله نظريات وان تك بسيطة ومن هذا المنطلق لا بد ان تسعى أي سياسية تربوية الى الانطلاق من ذاتية التفكير للطفل والعمل على تنميتها لتقوده الى تطوير تفكيره وهذا يتأتى من خلال الحوار بين الاقران الذي يولد التفكير وعبر الممارسة مع الأنشطة المنطقيّة والعلميّة. وهذا الأسلوب التعلّمي ليس من قبيل الترف او التّبذّخ.
يبدو هذا الاهتمام المتجدد بالفلسفة أمرًا جيدًا بالتأكيد، لكن من المهم أن نفهم لماذا يتوجب على المختصين في التعليم تدريس الفلسفة للطلاب.
فالتساؤل الذي يمكن ان يثار لدى البعض ما الفائدة التي يمكن ان تضيفها مادة الفلسفة في مدارسنا اليوم؟ ومن المهم أيضًا أن نعرف كيف سنقوم بتدريسها – دون إثقال كاهل الطلاب بمادة إلزامية أخرى يتم تدريسها من خلال الحفظ فقط.
الإجابة الموضوعية على هذا التساؤل تكون أكثر دقة اذا أتت من العاملين في الحقل التربوي ومن دارسي علم الفلسفة ومختصين بالدراسات التربوية الحديثة لكننا نحاول ان نقدم بعض من الإجابات على هذا التساؤل بحكم النتاج العلمي على مدار العقود سواء على مستوى التعليم المدرسي او الجامعي .
يمكن ان تضيف مادة الفلسفة مادة علمية ومهارتيه لطلبة بمختلف المراحل الدراسية وتساعدهم على التمييز بين الحقائق التي يمكن اثباتها والادعاءات والمزاعم القيمية والعمل على تحديد مستوى دقة العبارة والأفكار المطروحة بأي مجال والمساهمة في التعرف على المغالطات المنطقية ومعرفة عدم الاتساق في مسار التفكير او الاستنتاج وتحديد قوة البرهان والحجة وتحري التحيّز واتخاذ القرار بشأن الموضوع مجال البحث والاستكشاف وبناء أرضيّة سليمة للقيام بأجراء علمي.
يقول بعض العلماء ومن خلال نتائج الدراسات التي اجروها إن الفلسفة تؤدي إلى تحسن كبير في القدرات المهارتية للطلبة سواء كانت متعلقة بتعديل السلوك ومحاربة التشدد والتطرف الفكري او تلك التي ساعدت في تنمية مهارةالقراءة وتحدث آخرون بشكل إيجابي عن الفوائد الأخلاقية للفلسفة وانعكاساتها على المجتمع المدرسيّ والاسريّ والمجتمعيّ ككل.
لكن يبقى التساؤل الذي هو برسم الإجابة أي فلسفة يجب أن يتم تدريسها: الفلسفة الغربيةام الفلسفة العربية الإسلامية ، أو شيء يجمع بين جميع التقاليد الفلسفية؟
الدستور