مقالات

الرؤية الأردنية والاحداث الإسرائيلية

22 الاعلامي- كتب د. عدنان سعد الزعبي
صدقت الرؤية الأردنية في تشخيصها للسياسة الإسرائيلية وخاصة في حكم الليكود وانطلقت هذه الرؤية من تحليل وتفسير تصرفات نتنياهو غير المسؤولة تجاه العلاقات بين الدول واحترام القانون الدولي ، كذلك الاتجاه المعاكس في المسؤولية التي يحكم فيها دولة إسرائيل .

فعلى الصعيد الداخلي في إسرائيل وخاصة بعد الاحداث الحالية ،فقد تبين أن عقدة نتنياهو هو المحكمة العليا التي تأبى تقليص صلاحياتها لصالح الحكومة والأحزاب المتطرفة ومجتمعها . خاصة التي ترفض ارسال ابناءها الى التدريب العسكري الذي تصر عليه المحكمة العليا مواجهة لمطالب هذه الاحزاب . جنبا الى جنب تعزيز دور الحكومة والأحزاب المتطرفة على حساب الديمقراطية وعدالة الجهاز القضائي الحارس الحقيقي للديمقراطية والحرية في إسرائيل .

كل هذه الاعتبارات يرفضها المواطن الإسرائيلي ولا يقبلها خاصة وأن السلك القضائي يتم اختياره عادة من لجان تتكون من النواب ورجال قضاء ، لتأتي التعديلات التي يدفع بها نتنياهو بقوة الى تحويل الجهاز القضائي من الضامن لحرية وحقوق المواطنين الإسرائيليين الى جهاز يمكن التأثير عليه بكل سهولة لصالح اليمين المتطرف وبالتالي تملك قراره ، فالحكومة تسعى لإدخال تعديلات من شأنها أن تحد من قدرة المحكمة العليا على إصدار أحكام ضد السلطتين التشريعية والتنفيذية، بينما تمنح نواب أحزاب الحكومة الائتلافية مزيدا من الصلاحيات في تعيين القضاة.

والمتمحص في المسيرة السياسية الإسرائيلية يجد بأن فوائد التعديلات القضائية الجديدة إنما تصب بالدرجة الأولى لصالح نتنياهو الذي يريد الخروج من أزمة الفساد التي تلتصق فيه ،وترفض فيه المحكمة السماح له بالمشاركة باختيار القضاة وفي أي لجنة مشكله كون سابقة الفساد ما زالت حية وتلتصق به على الدوام ، ولهذا نجده يسارع بإقالة وزير الامن الإسرائيلي الذي طالب بتأجيل قرار التعديلات الى أجل لاحق والذي أعتبر ضربة قاسية لكل أركان هذه اللعبة التي حاول نتنياهو تمريرها .

الاستطلاعات الإسرائيلية بينت هبوط كبير جدا في شعبية اللكود وخاصة زعيمها نتنياهو ، ,حيث شهدت شوارع تل ابيب مظاهرات حاشدة لم يسبق لها مثيل. وخروج مئات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع معلنين رفضهم أي تعديلات قضائية . وسط غضبا وسخطا عاما لم يسبق له مثيل ، كما أثارت قلق حلفاء إسرائيل في الغرب على زعزعة الاستقرار ومفهوم الديمقراطية في دولة يعتبرونها نموذج الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط .

الاستطلاعات أشارت إلى أن حزب بيني قد ارتفعت أسهمه وبأغلبية64 مقعد في الكنيست في حين تراجعت شعبية الليكود إلى 56 مقعدا.
وقد كشف الأردن ومنذ زمن طويل الصورة الحقيقية للنهج الإسرائيلي تحت حكم نتنياهو وسلوكياته التي لا تنم عن زعيم دولة يحترم اتفاقياتها أو التزاماتها ،أو تعاملها مع الجوار . مما يؤكد رؤية الأردن من إن مثل هذا الحكم المتطرف ما زال بعيد كل البعد عن الأعراف والاخلاقيات السياسية الدولية كزعيم دولة ؛بل إن هذه السياسة تتصرف بعقلية القلعة التي تضع مصالحها قبل مسؤولياتها كأي دولة لا تحترم ذاتها .

هذا المشهد في إسرائيل يبين حدة الصراع السياسي وعدم استقرار الحياه السياسية في دولة طالما تغنت بديمقراطيتها ، ووجد أن الأحزاب تؤمن بمصالحها وعلى حساب مصلحة الدولة ، وحتى رئيس الوزراء نتنياهو الذي اثبت بما لا يساوره الشك أن تخلصه من عقدة محاكمته بالفساد طغى على مسؤوليته تجاه دولة إسرائيل ، وهذا بدوره يعمق صورة نتنياهو السيئة بالاصل وتضعف فرصه القادمة وبنفس الوقت يؤكد على أن العمل الحزبي في إسرائيل قائم على المصالح ولا يمكن أن يكون ضمن اعراف وقيم مسؤولة قائمة على الخلق والأعراف السياسية التي تؤطر الثقة والمصداقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى