مقالات

أبو عرجة يكتب..شخصيات عرفتها الكاتب الأديب ابراهيم العجلوني

22 الاعلامي – بقلم :أ.د.تيسير أبو عرجة
توفرت للكاتب الأديب ابراهيم العجلوني قدرات ذهنية مكنته من استيعاب ثقافة موسوعية عز نظيرها بين اقرانه من الأدباء والشعراء الأمر الذي يفرض عند الحديث عنه ان يتم تناوله من جوانب عدة تتوزع بين الفكر والفلسفة والأدب والنقد والشعر والتراث ناهيك عن اهتماماته بالشخصيات الادبية والفكرية التي شكلت عنده رافدًا مهمًا لثقافته وقوته الفكرية والاسلوبية .

ومن خلال معرفتي الشخصية به والصداقة الطويلة الجميلة التي جمعت بيننا وتعززت بدماثته وانسانيته وعمق ثقافته وحبه للكلمة.كان دائم الإشادة بجيل الرواد من اهل القلم والادب والصحافة في بلادنا .

ومن خلال اهتمامنا بالمقال الصحفي وجدنا مقالات العجلوني تتفرد بأسلوب خاص يميزها وهو يعنى بالمفردات القوية التراثية ولغة المفكرين والكتاب الكبار مما كان يعطي مقالته اليومية في الصفحات الثقافية نكهة خاصة وحالة لغوية فريدة.

وكان دائم الاعتزاز بفضل الصحفيين الكبار الذين أخذوا بيده في البدايات وهو يعتز بالصحفي والشاعر راضي صدوق الذي عمل معه في مجلة الرائد العربي.

ومن خلال الندوات والمحاضرات التي جمعتنا كان دائم الحديث عن كبار الادباء الذين تأثر بهم وبكتاباتهم وهو يورد الكثير عن مناهجهم الفكرية في عدد من الكتب التي وضعها.ومن هؤلاء العقاد وقد سمعته يقول أكثر من مرة انه عقادي النزعة .وهو يتحدث عن مكتبة العقاد المذهلة والكتب القيمة العديدة التي قدمها للمكتبة العربية وكيف كان خصومه يهابونه لسطوع حجته وسعة اطلاعه وعلو كعبه في المناظرة.

وكان العجلوني يرى ان الصحفي وحامل القلم يجب ان يكون صاحب ثقافة موسوعية وان الكتاب يجب ان يكون لديهم الحرص على سعة المعرفة والأخلاق.والكاتب الحقيقي مبدع ذو رؤية وذو موقف لا بائع كلام يقلده ويفصله بحسب الأحجام. والكاتب الحقيقي روح أمته. وذو شخصية وذو أسلوب وذو لهجة صادقة.

ان العجلوني الذي كان قارئا نهمًا للكتب قديمها وحديثها كان يرى في القراءة غاية هي طمأنينة النفس وهدأة الروح. وهو يقول ان القرآن الكريم هو كتاب الكتب الذي جاء تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة للعالمين.

وكان دائم التذكير بالدور الكبير الذي أدته المجلات الثقافية الكبرى في حياتنا وخصوصا مجلات الرسالة ل أحمد حسن الزيات والثقافة ل أحمد امين .
وما كانت تنشره من مقالات تتفوق في أساليب البيان وتعبر عن الثقافة الموسوعية والاقتدار البلاغي لدى أصحابها.

ان ابراهيم العجلوني الذي اصدر في مسيرته الأدبية والفكرية قرابة خمسين كتابًا كانت في مضامينها تعبيرًا عن تعلقه بالكتاب ومتابعة اهل الفكر ومدى أصالة الموهبة الإبداعية التي امتلكها . ولعل واحدا من هذه الكتب العديدة يقدم صورة عن اهتماماته الفكرية وهو يتحدث عن ،، رجال ومناهج ،، ويورد الحديث عن هذه الشخصيات ومناهجها الفكرية : الافغاني ومنهج التعامل مع التراث .في رحاب العقاد . فهمي جدعان في المنهج والمعطى .محمود محمد شاكر عن الرجل والمنهج .جمعة حماد ومنهج تدبر الوقائع . سارتر ومنهج الكتابة.وحسني فريز ومنهج التنوير .

اما عن تجربة العجلوني في اصدار المجلات فقد حدثني يومًا وانا بصدد اجراء بحث علمي عن المجلات الاردنية أنه اصدر عام ١٩٨٧ مجلة فكرية فصلية بعنوان المواقف تتسم بالجدية وبالغوص على القضايا المصيرية للأمة العربية والاسلامية ولكنها توقفت بعد فترة وجيزة من صدورها بسبب ما تعرضت له من صعوبات مالية حالت دون استمرارها ولم يستطع تحمل تكاليف أعباء نشرها وإصدارها حيث لم يستطع بمفرده مواجهة هذه الخسائر التي لم يكن يتوقعها عند اقدامه على خطوة اصدار المجلة. وقال : انه لم يكن لديه في ذلك الوقت دراية عن كيفية الادارة الصحفية التي تقوم عليها المؤسسات الصحفية من معرفة بحالة السوق والتوزيع والاشتراكات والإعلانات .وقد كانت مفاجأة مذهلة له عندما تم تخصيص العدد الثاني من المواقف لنشر محور خاص بالفكر الصهيوني كلف بكتابة مقالاته وبحوثه نخبة من الكتاب والباحثين وطبع منه ستة الاف نسخة تم بيع سبع وخمسين نسخة منها فقط .حينذاك آثرنا التوقف علمًا بان هناك جهات معينة عرضت علينا تعويض خسائرنا المالية وقمنا برفض عروضها لأننا لم نشأ أن نرهن مجلتنا وأنفسنا لإرادتها.

رحم الله الأخ الصديق الكاتب الاديب والشاعر الناقد المفكر ابراهيم العجلوني وأحسن اليه وأسكنه في عليين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى