الملح الصخري والتبوء بأحوال المناخ في منطقة ” الكورة ” بشمال الأردن (( البواحير ))
22 الاعلامي – د. احمد محمود جبر الشريدة – باحث أكاديمي في علوم البيئة والتراث
جرت العادة في ريف المشرق العربي التبوء بأحوال المناخ بواسطة ” الملح الصخري ” لمعرفة حالة السنة المناخية من حيث كمية الأمطار ، ويُطلق عليها أيضا ً إسم” البواحير ،” إنطلاقا ً من التبحّر في أحوال الطقس المرتقبة شهريا ً.حيث كان كبار السن ينتظرون ليلة 22 أيلول/ سبتمبر ( ليلة الاعتدال الخريفي السنوي ) (نهاية فصل الصيف وبداية موسم الخريف.
كيفية تنفيذ عملية البواحير …
يقومون كبار السن بوضع(8) قبضات متساوية من ” الملح الصخري الطبيعي ” على سطح من حجر البازلت ( لا يتأثر بالرطوبة ) تعادل كل قبضة شهراً شتوياً واحد وهي ) على التالي 1- تشرين الأول و 2- تشرين الثاني، و3- كانون الأول و و4- كانون الثاني، و5- شباط، و6- آذار و7- نيسان و8 ايار(انظر الصورة المرفقة ) . وعندما يستيقظون في الصباح الباكر يذهبون لرؤية (صبابير) الملح الصغيرة، يبدؤون العد من قبضة الشهر الأول أي تشرين الأول، وهكذا.. فإن كانت إحدى هذه القبضات الملحيه تغير لونها وسال ماؤها فهو شهر شتاء وفير، ويمكن أن يعلموا أي الأشهر فيها شتاء، وأخرى شتاؤها ضعيف عن طريق مقدار الرطوبة الموجود في الملح..وإذا كانت القبضات كلها رطبة قليلاً فالسنة تكون محلاً، ، وبعبارات أخرى تتم مراقبة أكوام الملح قبل بزوغ فجر اليوم التالي(وإذا كان الملح جامدا يكون البرد قارسا، وإذا ذاب الملح فالشهر يخبئ أمطارا وافرة وإذا لم يتغيّر حال الملح فالطقس سيكون صافيا(. ( انظر الصورة )
وهذه العادة التقليدية عن طريق الملح الطبيعي فهي قديمة جداً، متوارث اجتماعيا وثقافيا منذ مئات السنين. وهو يخضع لشروط أولها أن الشخص الذي يجب أن يضع الملح يجب أن يحمل اسماً لا يحمله غيره في القرية، والثاني أن يضع الملح على حجر بازلتي حصراً لأنه الحجر الذي لا تصيبه الرطوبة نهائياً، وثالثاً أن يتم وضع الملح ليلة الثاني والعشرين من أيلول/ سبتمبر ، والأهم من كل ذلك أن يتحلى بالإيمان. وفي الصباح الباكر تتضح رؤية أشهر الخريف و الشتاء
إن الفلاحين والمزارعين في لواء الكورة بمحافظة اربد بشمال الأردن والذين من اشهرهم ( جدي ) المرحوم الحاج صالح السعيد السعد آل عبد النبي ( أبو إسعيد ) والحاج المرحوم موسى محمد علي السلامة العطروز ( أبو نايف) اعتمدوا هذه الطريقة كما اعتمدوا العديد من الطرق التي يعرفون من خلالها وضع الأحوال الجوية الفصلية والسنوية ، والتي قد تمتدّ أحيانا إلى سنة كاملة لتساعدهم في الفعاليات الزراعية وجني المحصول، حيث لا يزال البعض يهتم بها. وكان أسلافنا اعتمدوها قبل وجود الأقمار الصناعية والتحليلات المناخية، ومحطات الأرصاد الجوية وغالبا ما كانت تصيب .
ولكن بسبب التحولات التي طرأت على المناخ والتغيرات الحاصلة اليوم، تراجعت هذا التقليد المناخي السنوي حيث أن زمن الستينات والسبعينات يختلف نظرا لعدم وجود ظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري في حينه.
هذا الطريقة كانت تنفذ في أقطار بلاد الشام الاردن فلسطين سورية ولبنان…
طقس العرب