بشار المومني يكتب : في حضرة الوطن: موقف أردني موحّد تقوده الهاشمية وتدعمه الجماهير

22 الاعلامي – بشار عدنان المومني
في لحظاتٍ فارقةٍ من تاريخ الشعوب، يظهر معدن الدول، ويُختبر وعي الجماهير، ويُقاس ثقل القيادة. وفي قلب العاصفة السياسية التي تُحيط بالإقليم من كل جانب، يقف الأردن بثباتٍ، رافعًا راية السيادة، متمسكًا بثوابته، ومجدِّدًا عهده بأن الوطن ليس مساحةً جغرافيةً فحسب، بل هو هوية وكرامة وولاء.
جلالة الملك عبدالله الثاني، وهو يتقدم الصفوف في الدفاع عن الثوابت الوطنية والقومية، لم يكن يومًا صدىً لمواقف الآخرين، بل كان صوتًا أردنيًا حرًّا، يُعلن من كل منبر: لا للتوطين، لا للتهجير، لا للتنازل عن الوصاية الهاشمية، ولا للتفريط بالحق الفلسطيني. وفي كل مرة يُراهن خصوم الأمة على تراجعنا، يفاجئهم الأردن بموقف أرسخ من الجبال.
التحركات السياسية الأخيرة للملك، سواء في المحافل الدولية أو خلال اللقاءات العربية والإقليمية، كشفت عن رؤية استراتيجية عميقة، تُوازن بين صلابة الموقف ومرونة الدبلوماسية. فالقيادة الأردنية، التي تدرك تمامًا تعقيدات المشهد، لا تتوانى عن توجيه رسائل واضحة: إن الأردن ليس بلدًا صغيرًا تتقاذفه الرياح، بل هو دولة ذات قرار، وصاحبة موقف، وذات سيادة لا تُساوَم.
لكن هذا الموقف لم يكن ليكتمل لولا الالتفاف الشعبي العارم خلف القيادة. فالجماهير الأردنية، بكل أطيافها ومكوناتها، خرجت في المدن والقرى والهضاب، تهتف للأردن، وتحمل رايته، وتُجدّد عهد الولاء والانتماء. هذا الانسجام بين العرش والشعب ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتاريخ من الكفاح المشترك، والدم الواحد، والمصير الذي لا يتجزأ.
ولأن الموقف الوطني لا يُبنى بالكلمات وحدها، فقد كان لأجهزتنا الأمنية والعسكرية دورٌ لا يُمكن تجاهله. الجيش العربي، حارس الأرض والكرامة، والمخابرات العامة، صمّام الأمان الداخلي، شكّلا معًا درعًا منيعًا في وجه كل محاولات المساس بوحدة الوطن. فبينما يُخطّط المتربصون في الظلام، تُضيء عيون النشامى في الخنادق والحدود والمكاتب الاستخبارية، تحمي الحاضر وتؤمن المستقبل.
هذا هو الأردن اليوم: وطنٌ لا تُفرّقه الأزمات، ولا تُضعفه الضغوط، ولا تُربكه المؤامرات. وطنٌ يقوده ملكٌ يعرف متى يصمت ومتى يتكلم، متى يُفاوض ومتى يحسم. وشعبٌ لا يساوم على وطنه، ولا يبدّل جلده، ولا يخون الراية التي وُلد تحتها.
في حضرة الوطن، لا صوت يعلو فوق صوت الوفاء، ولا موقف يُقاس إلا بمقدار التضحية. وهذا الوطن، الذي اجتاز العواصف وواجه التحديات، ما زال يكتب تاريخه بدماء الشهداء، وعقول الحكماء، وسواعد النشامى.
سيبقى الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الأبي، نموذجًا في الصمود، ومدرسةً في الولاء، ومنارةً في زمن التيه العربي. فالمواقف لا تُستورد، والكرامة لا تُستعير، والسيادة لا تُجزأ. وهكذا سيبقى وطننا: موحَّدًا في وجه العاصفة، وعصيًّا على الانكسار.