مقالات
أخر الأخبار

البوري يكتب :فن القيادة بين الحكمة والانفعالية قراءة في أسلوبي الملك عبدالله الثاني وزيلنسكي

22 الاعلامي- بقلم فادي البوري

تشكل القيادة السياسية عاملاً حاسماً في تحديد مصير الدول والشعوب، خاصة في ظل الأزمات والمتغيرات الدولية وفي هذا السياق، برزت شخصيات سياسية لعبت أدواراً فارقة في إدارة الأزمات، تفاوتت فيها الأساليب بين الحكمة والانفعالية في هذا المقال، أتناول مقارنة بين نموذجين من القيادات السياسية جلالة الملك عبدالله الثاني إبن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، مستعرضاً كيف انعكست سياساتهما على مصائر بلديهما ومكانتهما الدولية.

لقد أثبت الملك عبدالله الثاني خلال مسيرته السياسية أنه قائد يتمتع بحكمة استثنائية ورؤية استراتيجية واضحة وفي واحدة من أكثر المراحل حساسية، برزت مهارته في التعامل مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومخططات التهجير. ورغم الضغوط الكبيرة التي رافقت تلك المرحلة، اختار الملك عبدالله الثاني أسلوب الحوار الهادئ والدبلوماسية المتزنة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. لم ينجر الملك وراء الانفعالات أو التصريحات التصعيدية، بل اعتمد خطاباً عقلانياً أقنع الإدارة الأميركية بعدم المضي في قرارات كان من شأنها تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة فهذه الحكمة السياسية جنبت الأردن تداعيات خطيرة، وحافظت على موقف ثابت تجاه القضية الفلسطينية، في وقت كانت فيه العديد من الدول تترنح تحت وطأة الضغوط الدولية.

على الجانب الآخر، قدم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي نموذجاً مغايراً في القيادة السياسية. فمع اندلاع الأزمة بين بلاده وروسيا، أظهر زيلنسكي نهجاً انفعالياً في التعامل مع القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة بدلاً من توظيف الدبلوماسية الهادئة لحشد الدعم الدولي، لجأ إلى خطابات شعبوية وصدامية أضعفت موقف بلاده على الساحة الدولية وأدى هذا النهج إلى تدهور العلاقات مع واشنطن، مما اضطره لاحقاً إلى استجداء إعادة العلاقات وتصحيح المسار بعد تكبيد بلاده خسائر سياسية واقتصادية كبيرة.

إن الفرق الجوهري بين النموذجين يكمن في إدراك أن السياسة ليست ساحة للانفعالات اللحظية، بل فن الممكن الذي يتطلب بصيرة وقدرة على تحقيق الأهداف بأقل الخسائر فلقد أظهر الملك عبدالله الثاني أن القيادة الحقيقية تُبنى على المبادئ الراسخة، والحوار البناء، دون التفريط في المصالح الوطنية أو الانجرار وراء الشعارات العابرة في المقابل، أثبتت تجربة زيلنسكي أن الانفعال والتسرع قد يفضي إلى نتائج كارثية، مهما بدا الموقف شعبوياً أو مرضياً لجماهير اللحظة.

في عالم مليء بالصراعات والتحديات، تبقى الحكمة السياسية سلاحاً لا غنى عنه لحماية الأوطان والمصالح العليا والملك عبدالله الثاني يقدم نموذجاً حياً لقائد أدرك أن أعظم الانتصارات تُصنع في غرف الدبلوماسية الهادئة، لا في ساحات الصخب السياسي تلك هي القيادة التي تصنع التاريخ وتحفظ الأوطان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى