مقالات
أخر الأخبار

الحسين إربد .. خارطة كروية جديدة 

22 الاعلامي – بقلم : عمران السكران
لم يكن تتويج نادي الحسين إربد بلقب الدوري الأردني للمحترفين للمرة الثانية على التوالي، مجرد إنجاز رياضي يضاف إلى تاريخه، بل كان بيانا رياضيا واضحا أعاد الحياة التنافسية إلى البطولة، وأعاد معها هيبة الدوري الذي افتقد لعنصر المفاجأة والتنوع في المنافسة خلال السنوات الماضية، الحسين لم ينتصر فقط في سباق النقاط، بل انتصر في معركة إثبات الذات وكسر النمط السائد.
في مشهد كروي استثنائي، خطف الفريق الأضواء بعد أن توج باللقب الثاني، لينهي بذلك سنوات من هيمنة الأندية التقليدية في العاصمة، ويمنح المسابقة نفسا جديدا طال انتظاره، ومع التتويج الثاني، اعتبره كثيرون انتصارا لفكرة العدالة التنافسية، وبداية لعودة التوازن الجغرافي في خارطة كرة القدم المحلية.
لطالما كان الحسين إربد من الأندية الجماهيرية ذات القاعدة الكبيرة في شمال المملكة، لكنه قضى سنوات طويلة على هامش المنافسة والقريب جدا  من منصة التتويج، دون الصعود على المنصة، لكن موسم 2024–2025 جاء مختلفا في كل شيء، حيث قدم الفريق أداء مستقرا وقويا جعله يتفوق على الكبار ويحسم اللقب بعد سلسلة من الانتصارات والأداء الجماعي المميز.
أثر هذا التتويج لم يقتصر على النادي فقط، بل امتد ليشمل الدوري بأكمله، فقد ساهم في إعادة إحياء روح التنافس بعد أن كسر احتكار القطبين الفيصلي والوحدات، ورفع من سقف الطموحات لدى أندية المحافظات التي وجدت في تجربة الحسين نموذجا يحتذى به.
كما أدى ظهور بطل جديد من خارج العاصمة إلى زيادة المتابعة الإعلامية والجماهيرية للبطولة، ما عزز من حضور الدوري في المشهد الرياضي الأردني، إلى جانب ذلك، شكل تتويج الحسين حافزا مهما للمستثمرين والرعاة، حيث بعث برسالة بأن النجاح لا يعتمد فقط على التاريخ، بل على التخطيط السليم والإدارة الحكيمة، ما قد يفتح الباب أمام دعم أكبر لأندية الأطراف.
الحسين استثمر في البنية التحتية، والجهاز الفني، واستقطاب اللاعبين المحليين والأجانب، ما رفع من جودة الفريق بشكل عام، 
هذا دفع الأندية الأخرى إلى محاولة تحسين ذاتها لمواكبة مستوى الحسين، مما ساهم برفع مستوى الدوري ككل.
ودخول الحسين بقوة في صراع القمة (إلى جانب الفيصلي والوحدات والرمثا)، زاد من حدة المنافسة وأعطى بعدا جديدا للبطولة، فمبارياته، خاصة أمام الفرق الكبرى، أصبحت تحظى بحضور جماهيري كبير، وخلقت أجواء تنافسية شبيهة بـ”الديربيات”، ما ساهم في رفع مستوى الحماس والإيرادات المرتبطة بحقوق النقل والتذاكر، وكلما زادت المنافسة الداخلية، انعكس ذلك على تحسين تصنيف الأندية الأردنية آسيويا، وهذا ينعكس بشكل كبير في قوة المنتخب الوطني.
الحسين إربد اليوم ليس مجرد فريق ينافس على مركز متقدم، بل عنصر أساسي في تشكيل “توازن القوى” في الدوري الأردني، ووجوده كمنافس جدي ساعد على رفع التنافسية، تحفيز الفرق الأخرى، وتوسيع شعبية الدوري على مستوى المحافظات.
هذان اللقبان، الذين جاءا بعد سنوات من العمل والبناء، لم يكن نهاية الرحلة، بل قد يكون بداية عهد جديد في كرة القدم الأردنية، عهد يتجاوز فيه الدوري مرحلة التكرار والاحتكار نحو مرحلة تنوع وتوازن حقيقيين، فهل يكون موسم الحسين إربد إعلانا عن خارطة كروية جديدة؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى