
22 الاعلامي – بقلم : مجد عبداللطيف العرود
لم يكن الخامس والعشرون من أيّار مجرد تاريخ على أجندة الوطن بل هو لحظةٌ انعقدتْ فيها إرادة الأردنيين على أن يكونوا أسيادَ قرارهم فصاغوا يوماً ظلَّ منذ 1946 مشعلاً تتوارثه الأجيال ، استقلالُنا لم يكن حدثاً عابراً في أرشيف السياسة بل كان تأسيساً لعقد اجتماعي جديد قوامه الكرامة والعزّة وسيادة القانون
كتب الآباء المؤسسون منذ اللحظة الأولى وثيقة أخلاقيّة تضع المواطن في صدارة الأولويات ؛ فالدولةُ التي لا تصون كرامة ناسها لن تستطيع أن ترفعَ راية بين الأمم. منذ ذاك ارتبط معنى الاستقلال في الوجدان الأردني برفعة الإنسان تعليم يفتح النوافذ على المستقبل ورعاية صحيّة تحمي حياةَ الفقراء قبل الأغنياء وقضاءٌ مستقل يضمن أنّ الحريةَ ليست مكرمةً بل حق.
لم تقتصر معركةُ العزّة على التنظير بل امتدت إلى الخندق فكان الجيش العربي عنواناً لصلابة القرار وسيّد الموقف في اللحظات العصيبة من اللطرون والكرامة إلى مهمّات حفظ السلام في أصقاع الأرض وفي المنابرِ الدبلوماسية حمل الأردن قضيته المركزيّة فلسطين بثبات أخلاقي لم يتغير رغم تعاقب الرياح
اليوم ونحن نواجه تحدّيات اقتصاديّة ومناخية متشابكة تتجدّد أسئلة الاستقلال كيف نصوغ نموذجاً تنمويا يوازن بين جذب الاستثمار وصيانة القرار الوطني؟ الإجابةُ تكمن في اقتصاد يبنى على المعرفة والطاقة النظيفة وفي مؤسّسات رقميّة شفّافة تجعل الحكومة خادما لا مُتحكِّما
جيل الألفية وما بعده لم يعش لحظة إعلان الاستقلال لكنه يختبر الآن معناه الحقيقيّ حقُّه في المشاركة وصنع السياسات ، هنا يتجاوز حبُّ الوطن الهتافَ إلى ابتكار الحلول من شركاتٍ ناشئةٍ في الزرقاء وإربد إلى مبادرات مجتمعيّة في الكرك والطفيلة تترجم شعار «الأردن أولاً» إلى أفعالٍ ملموسة
عندما يصدحُ «عاش المليك» ندركُ أن الاستقلال ليس قصيدة تنشدها المدارس كلّ صباح فحسب بل ممارسة يوميّة نختبرها في شجرةِ سدر تُزرع بدل أخرى اقتلعتْها جرافة الإهمال
استقلالنا كرامتنا… وعزتنا مسؤوليتُنا المشتركة فإذا أردنا أن نحتفلَ به حقًّا في 25 أيار 2025، فلنصنعْ كل يوم مساحات أوسعَ للحرية ولنشد أواصر العدالة ولنبقَ على العهد: «اللهُ، الوطنُ، المليك»
مجد عبداللطيف العرود