
22 الاعلامي – تقرير حمزة ربابعة
في وقت أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، يتزايد حضورها في حياة الشباب الجامعي، لتأخذ أدوارًا متعددة تتراوح بين الترفيه والتعلم والتواصل وحتى تشكيل الرأي العام، ومع هذا الحضور الكثيف، تتباين الآراء حول آثارها النفسية والاجتماعية، بين من يراها نافذة للتقارب والوعي، ومن يحذر من عواقب الإدمان الرقمي والانفصال عن الواقع، ونسلّط الضوء على تأثير هذه المواقع على الشباب الجامعي من خلال آراء مختصين وتجارب طلاب يعيشون يوميًا في قلب هذا الفضاء الرقمي.
بين الانجذاب والإرهاق النفسي… تجارب طلابية ترسم ملامح التأثير
بين من يراها وسيلة فعالة للتسلية والتعلم، ومن يشتكي من آثارها النفسية، تختلف تجارب الشباب الجامعي في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لتكشف عن جوانب متباينة من هذا العالم الرقمي المتسارع ، واتفقَ معظم الآراء على قضاء وقت معين في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وتتراوح بين 3 إلى 6 ساعات يوميا.
تقول الطالبة شهد الهندي إنها تقضي من 4 إلى 5 ساعات يوميًا على تطبيق إنستجرام، مشيرة إلى تنوع استخداماته بين متابعة الأخبار، الترفيه، والتواصل مع الآخرين، وهو ما يجعلها تجد فيه وسيلة متعددة الأغراض.
أما الطالبة لجين العمري، فتؤكد أن تأثير مواقع التواصل يعتمد على طريقة الاستخدام، موضحة أنها تمضي ما يقارب 6 ساعات يوميًا موزعة بين الدراسة والترفيه.
وتضيف قائله: “إذا ما نظّمنا وقتنا، أو تعرضنا لمحتوى سلبي، ممكن هالشي ينعكس على نفسيتنا ويخلينا نحس بالعزلة والتوتر”
ويتفق معها الطالب سالم بني عيسى، الذي يستخدم هذه المنصات من 3 إلى 4 ساعات يوميًا بشكل متقطع، ويشير إلى أن هذه المواقع تساهم أحيانًا في توسيع العلاقات الاجتماعية واكتساب معارف جديدة، لكنه يعترف بأن الاستخدام المتزايد قد يؤثر على العلاقات الواقعية بشكل تدريجي.
من جهته، يقول أحمد جادوري إنه يخصص ما بين 3 إلى 6 ساعات يوميًا لتصفح وسائل التواصل، وبالرغم من حرصه على تجنّب استخدامها أثناء التواجد مع الآخرين، إلا أنه يفضّل منصة إنستجرام لما يحتويه من مقاطع “ريلز” مختصرة ومفيدة.
ويرى ليث المومني أن مواقع التواصل تساعده على قضاء وقت الفراغ، لكنه يعترف بأنها أثرت على علاقاته الواقعية، في ظل قضائه أكثر من 6 ساعات يوميًا على فيسبوك وإنستجرام.
أما مرام الكردي، فترى أن تأثير هذه المواقع مزدوج؛ فمن جهة تسهم في التواصل مع الآخرين والاطلاع على الأخبار والمعلومات، لكنها من جهة أخرى تسبب لها الإرهاق النفسي والتوتر، خصوصًا مع التفاعل مع أشخاص بعيدين وتراجع العلاقات الواقعية.
الأثر النفسي على الشباب الجامعي: تحذيرات من الخبراء
يرى الخبير النفسي و الدكتور في علم الاجتماع حسن الصباريني، أن مواقع التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى تأثيرات نفسية سلبية كبيرة على الأفراد، خاصة إذا تم استخدامها بشكل مفرط، و يوضح الصباريني قائلاً: “الإفراط في استخدام هذه المنصات الرقمية قد يساهم في ظهور مشكلات نفسية خطيرة مثل الإدمان، الذي يستهلك وقت الأفراد على حساب صحتهم النفسية والجسدية والدراسية”.
ويؤكد الصباريني أن من أبرز المشكلات التي قد تنشأ عن الاستخدام المفرط هي العزلة الاجتماعية، حيث يميل المستخدمون إلى تفضيل التفاعل الرقمي على حساب التواصل الفعلي مع الآخرين. كما يضيف: “هذه العزلة يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل القلق، الأرق، وحتى الاكتئاب الحاد، خاصة عندما يُفصل الأفراد عن واقعهم الاجتماعي في ظل الانغماس في العالم الافتراضي”.
ويشدّد الصباريني على ضرورة الوعي والتحقق من المعلومات التي يتم تداولها على هذه المواقع، خصوصًا في ظل انتشار المعلومات المضللة أو المغلوطة، التي قد تؤثر على قرارات الأفراد وتوجهاتهم بشكل سلبي. ويوصي بتقنين الوقت الذي يتم قضاؤه على منصات التواصل الاجتماعي، لضمان عدم تأثيرها بشكل مفرط على الحياة اليومية.
الشباب والإعلام : هل تغيّرت طريقة تفاعلهم مع الأخبار؟
أما في المجال الإعلامي، فيعتبر الدكتور نديم روابدة، أستاذ الإعلام في جامعة اليرموك، أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أحدثت تحولًا جذريًا في طريقة تفاعل الشباب مع الأخبار والمعلومات. يوضح الدكتور روابدة: “إن الفضاء الإلكتروني يمكّن الشباب من التواصل بشكل أسرع وأكثر تفاعلية مع القضايا التي تهمهم، ما يسمح لهم بتكوين آرائهم بحرية أكبر”.
لكن الدكتور روابدة يحذّر من أن هذه التحولات تأتي مع تحديات جديدة. فبما أن منصات التواصل الاجتماعي تركز على موضوعات معينة وتغفل أخرى، فهي تؤثر في نوعية المحتوى الذي يتلقاه الشباب. “هذه المواقع تقدم أخبارًا ومحتوى ينسجم مع اهتماماتها وأولوياتها، مما قد يدفع الشباب لتبني آراء معينة حول موضوعات معينة بشكل مغلوط”، كما يقول روابدة.
ويشدد على ضرورة أن تتفاعل وسائل الإعلام التقليدية بشكل أكبر مع هذه المنصات من أجل “فرض نفسها على المشهد الإعلامي الرقمي”، بحيث تواكب طريقة تفاعل الشباب مع الأخبار وتقدم لهم محتوى متوازن ومتنوع