22 الاعلامي – بقلم العين عبدالحكيم محمود الهندي
ملفات شائكة، بل ومعقدة، حملها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى دافوس القبرصية التي شارك فيها جلالته بأعمال قمة دول جنوب أوروبا “ميد 9″، الجمعة.
وليس أقل تعقيداً بين تلك الملفات، العدوان الإسرائيلي المستمر على الأهل في قطاع غزة، والاعتداءات المتصاعدة على الفلسطينيين في الضفة الغربية، إضافة لتوسع دائرة الصراع ووصول النيران إلى لبنان الشقيق، واحتمال نشوب حرب إقليمية بعد الضربات الصاروخية الإيرانية على دولة الاحتلال، وتهديد الأخيرة بردٍ لا أحد يعرف فحواه حتى الآن، لكن ارتداداته ستكون، ولا شك، بداية انفجار إقليمي كبير لا أحد يتمناه.
وخلال القمة، وكما اعتدنا من جلالته، فقد كانت القضية الفلسطينية على رأس الأولويات إذ دعا جلالة الملك عبدالله الثاني المجتمع الدولي لتنسيق استجابة فورية فاعلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة، كما شدد في جلسة ركزت على الوضع بالشرق الأوسط، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، على أن مضاعفة المساعدات الإغاثية والطبية وضمان وصولها لكل مناطق القطاع أمر أساسي لإنقاذ حياة المدنيين الأبرياء.
وحتى تبقى ذاكرة العالم متّقدة، وحتى تبقى الحقيقة ماثلة أمام أعين العالم، فقد أعاد جلالة الملك التأكيد على أنه لا سلام ولا استقرار في المنطقة دون إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، فكما يؤمن جلالة الملك، وكل ذي بصيرة حيّة، فإن السر الأساس في كل ما يجري، هو ضياع حق الفلسطينيين بتحقيق حلم الدولة و”الاستقلال”، ومن غير هذا، فلا مجال أبداً لأن ترى هذه المنطقة الهدوء رغم أنها أرض الأنبياء المقدسة، وموطن الشعوب الطاهرة، فأحلام التوسع والغطرسة لدى دولة الاحتلال، وضرب عشرات الأعوام من محاولات تحقيق السلام من قِبل حكومة التطرف في تل أبيب، بعرض الحائط، ما زالت تقود المنطقة برمتها إلى مزيدٍ من حمام الدم.
ولأنه ملك عروبي، وسليل أشرف الأمم، فقد استغل جلالته مشاركته في هذه القمة العالمية ليذكر بأن هناك شعب عربي آخر باتت دماؤه تُراق بـ “دم بارد” وهو الشعب اللبناني الشقيق، وعليه، وإلى جانب غزة أيضاً، فقد جدد جلالة الملك التأكيد على ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، هذا مع ضرورة تكثيف جهود التوصل إلى تهدئة شاملة في المنطقة.
وفي خضم هذا، فقد أكد جلالة الملك بأن الأردن لن يكون ساحة للصراعات الإقليمية، وفي هذه الكلمات القليلة، رسالة كبيرة لكثيرين بأن الأردن قوي بجيشه وبتماسك أهله ليذودوا عنه بالغالي والنفيس، وهذه رسالة أحسب أنها وصلت إلى كل معني.
وفي الشأن الأردني، وخلال غداء عمل على هامش قمة “ميد 9” التي شارك فيها قادة دول جنوب أوروبا، وقادة وممثلين عن الاتحاد الأوروبي، وتضم قبرص، وإسبانيا، وفرنسا، واليونان، وإيطاليا، ومالطا، والبرتغال، وسلوفينيا، وكرواتيا، فقد أكد جلالة الملك على أهمية الشراكة بين الأردن ودول الاتحاد الأوروبي، مُثمّناً الدعم الأوروبي للمشاريع التنموية في المملكة ولخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية.
ونوه جلالته إلى أن الأردن يضطلع بواجبه الإنساني تجاه اللاجئين السوريين على أراضيه، ما يستدعي تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته بدعم اللاجئين والدول المستضيفة لهم.
وفي جزئية “اللاجئين” تحديداً، فإن كل العالم يعرف، وبشكل واضح، مدى الأعباء التي تحملها الأردن والشعب الأردني، فقد شكلت الاستضافة الكبيرة ضغطاً كبيراً على الموارد، رغم أنها شحيحة بالأساس، لكن الأردني تقاسم مع أشقائه السوريين “لقمة” الخبز، و”شُربة” الماء، فالأردن لم، ولن، يُقصّر مع أشقائه العرب أو يتقاعس عن خدمتهم، لكن على العالم أن يقوم بدوره الإنساني أولاً، وأن يُقدّر هذا الموقف للأردن.
في الخلاصة فإن في هذه القمة، وكما غيرها كثير، كان صوت الملك عبدالله الثاني، والأردن، هو الأعلى، وأما “البوصلة” فهي القضية الفلسطينية وكل قضية عربية، وأما “الصرخة” فهي صرخة حق، وأما الهدف، فهو “العدالة” التي لا مناص إلا وأن تتحقق في نهاية المطاف.