
22 الاعلامي – كتب: الصحفي ليث الفراية
في زمنٍ تُقاس فيه النجاحات بالأرقام والأموال، يبرز بعض الأشخاص كرموزٍ حقيقية للنجاح المتوازن الذي يجمع بين الريادة الاقتصادية والالتزام المجتمعي. ومن بين هذه الأسماء يلمع اسم مازن أحمد خريسات، رجل الأعمال الأردني المعروف، الذي لم يكن نجاحه محصورًا في عالم المال والأعمال، بل امتد ليكون عنوانًا للخير والعطاء، داخل الأردن وخارجه. ولعل منبع هذا التميز يعود إلى جذوره التربوية والاجتماعية، حيث نشأ في كنف والده الراحل أحمد صالح الخريسات، أحد أعلام التربية والخير في الأردن، المعروف بلقبه “أبو اليتامى والمساكين”.
الحديث عن مازن خريسات لا يكتمل دون التطرق إلى والده، المرحوم أحمد صالح الخريسات، الرجل الذي كرّس حياته لخدمة الآخرين، وكان نموذجًا للتواضع والإحسان والإنسانية.
عمل الراحل في قطاع التعليم، وترك بصمات لا تُنسى في نفوس طلابه وزملائه. لم يكن مجرد معلم، بل كان مربيًا فاضلًا وأبًا روحيًا للكثير من أبناء منطقته. واشتهر بلقبه “أبو اليتامى والمساكين”، نظرًا لدوره الكبير في دعم الفقراء ورعاية الأيتام والمحتاجين، فقد كانت أبوابه مفتوحة للجميع، وصوته دائمًا في صف المظلوم.
امتدت يداه البيضاء في كل ناحية من نواحي الخير، فلم يتأخر يومًا عن مساعدة محتاج، ولم يتردد في أن يكون عونًا لكل من ضاقت به الحياة. وكان يُعرف عنه أنه لا يرد سائلًا ولا يُخيب أملًا، فزرع بذلك بذور المحبة والرحمة في نفوس من حوله، وترك إرثًا أخلاقيًا وإنسانيًا عظيمًا.
نشأ مازن أحمد خريسات في بيئة مشبعة بالقيم والمبادئ، فكان من الطبيعي أن يسير على نهج والده، ولكن بروح العصر وأدواته. وبفضل إصراره وجهده، دخل عالم الأعمال من أوسع أبوابه، وأثبت نفسه كواحد من أبرز رجال الأعمال الأردنيين.
تميزت مسيرته المهنية بالشفافية والمصداقية، ونجح في تأسيس وإدارة عدة مشاريع اقتصادية هامة، ساهمت في تحريك عجلة الاقتصاد الأردني وتوفير فرص العمل للشباب. ومع ذلك، لم ينسَ رسالته المجتمعية، فكان ولا يزال من الشخصيات الداعمة للخير والعمل الإنساني.
مازن خريسات لم يكن مجرد رجل أعمال يبحث عن الربح، بل كان يرى في كل مشروع فرصة لخدمة الوطن والمواطن. حمل على عاتقه مسؤولية توفير فرص العمل، وتحفيز الاستثمار، والمساهمة في بناء مستقبل اقتصادي مستدام، دون أن يغفل عن البعد الإنساني لكل ما يقوم به.
كما ساهم في دعم المبادرات التنموية، وشارك في تمويل مشاريع تعود بالنفع المباشر على المجتمعات المحلية، فكان فعليًا شريكًا في التنمية، وليس مجرد مستثمر.
من أبرز الجوانب المضيئة في شخصية مازن خريسات، هو حرصه الدائم على الوقوف إلى جانب الأردنيين في الخارج. لم يتوانَ عن دعم المغتربين، خاصة في الأوقات الصعبة، فكان السند الحقيقي لمن ضاقت بهم الغربة.
قدّم مساعدات مادية ومعنوية للطلبة، وشارك في حل قضايا اجتماعية معقدة، وساهم في لمّ شمل العائلات، وتابع باهتمام شؤون الأردنيين المغتربين في عدة دول. وقد تحوّل إلى مرجع لكثيرين، بفضل علاقاته الواسعة ومكانته المرموقة.
ورغم المكانة الاقتصادية والاجتماعية التي يتمتع بها، بقي مازن خريسات متواضعًا وقريبًا من الناس. يشاركهم مناسباتهم، ويقف إلى جانبهم في الملمات، ويحرص على أن يكون دوره دائمًا إيجابيًا ومؤثرًا.
لم تغره المناصب، ولم تُغيره الشهرة، بل حافظ على صورة الإنسان البسيط الذي يمد يده للخير، ويُكرّس نجاحه لخدمة الآخرين.
ما بين الأب أحمد صالح الخريسات، المربي والإنساني، والابن مازن أحمد خريسات، رجل الأعمال والفاعل المجتمعي، تتشكّل قصة نجاح أردنية خالدة، تؤكد أن الأصل الطيب لا يُثمر إلا خيرًا.
إنهم عائلة الخير والعطاء، التي لم تبنِ فقط مشاريع اقتصادية، بل بنت جسورًا من المحبة والثقة بين الإنسان وأخيه الإنسان.
في زمنٍ يكثر فيه الحديث عن النماذج الفارغة، يبقى مازن خريسات شاهدًا على أن النجاح الحقيقي يُقاس بكم من ساعدتهم، لا بعدد ما امتلكت.