شباب وجامعات

الأساليب التعليمية المبتدعة تحقق تفاعلا واندماجًا ايجابيًا لدى الطلبة

22 الاعلامي- (بترا)- رزان المبيضين- استحق المعلمون بجدارة أسمى مكانة في قلوب طلبتهم ونالوا على الدوام تقديرًا واحترامًا على الصعد كافة، لعظم وتنامي دورهم عبر الأجيال، فما من فرد إلا وحفر في ذاكرته اسم معلم قدير استلهم منه الكثير وكن له في الوجدان شوقًا مستفيضًا حافظًا له ذلك الفضل والجميل .
ومن هؤلاء معلمون دأبوا على تطوير مهاراتهم وأساليبهم التعليمية بالرغم من قلة الإمكانيات، هم بوصف تربويون مشاعل نور متقدة لا بد من الاهتمام بها حتى يكتمل عطاؤها وصولا لبيئة صفية مثالية من خلال ادماجهم ببرامج التنمية المهنية وتأمين بيئة عمل محفزة داعمة.

وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن جائحة كورونا شكلت فرصة لتفعيل دور التكنولوجيا في التعليم، وهو ما كان له كبير الأثر في كسر جمود التعليم داخل الغرفة الصفية، وحث الطلبة على الانجذاب بحواسهم للدروس المعطاة من خلال أتباع أساليب التعلم باللعب أو الموسيقى، أو حتى الحوار والمناقشة بين الطلبة، وعرض الأفلام التعليمية واستغلال التقدم التكنولوجي في انشاء غرف تعليمية افتراضية.
المعلم أحمد خليل المعروف باسم “خليلو” على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدًا موقع “تيك توك” بأسلوبه الشيق والرشيق في تبسيط مسائل حسابية، كان قد تخرج من تخصص الهندسة في جامعة العلوم والتكنولوجيا، ولم يحالفه الحظ بإيجاد وظيفة ضمن نطاق اختصاصه، ذاكرًا أنه كان دأب على تدريس الطلبة الجامعيين وطلبة مدارس مادة الرياضيات وهو ما يزال على مقاعد الدراسة، ما جعله يفكر بالاستمرار في هذه المهنة بعد أن أنهى الدبلوم العالي فيها من الجامعة الأردنية.
وأضاف، أن تجاربه العملية تنوعت ما بين القطاعين الخاص والعام إلى أن جاءت جائحة كورونا التي فرضت تحولات جديدة في العملية التعليمية، حيث سجل فترتها دروسه لتعرض على محطات التلفاز المخصصة لهذه الغايات، بعدها اتجه لتصوير مقاطع مصورة قصيرة، سطع فيها نجمه عند اقتراح أحد الطلبة له أن يجرب “إصبعا” قماشيًا عادة ما يستخدمه لاعبو الألعاب الإلكترونية لتحريك أصابعهم على الشاشات بطريقة أسلس.
وشرح “خليلو” مستخدمًا الإصبع في مقطع مصور كيفية جمع كسرين بطريقة الفراشة، وهي خدعة من الخدع المستخدمة في الحل، مستشعرًا محبة الناس للتعرض لمثل هذا المحتوى بعد أن حصد المقطع 90 ألف مشاهدة.
واستذكر في السياق تعرضه للهجوم من الكثيرين، إلا أنه أكد أن ما يعرضه هو خدع وليست تشويهًا للمادة كما يدعي معارضوه، مستمرًا بعد ذلك بتصوير المقاطع التي تعبر عن شغفه في الرياضيات وما كان له إلا المزيد من المتابعين عبر عدد من منصات التواصل الاجتماعي.
وآثر “خليلو” أن يستمر بتصوير هذه المقاطع وجعلها جاذبة للطلاب باستخدام الموسيقى الرائجة والعناوين البراقة إدراكًا منه بأن الوقت الذي يقضيه الطلبة عبر هذه المنصات لا بد وأن يستهلك في التعرض لمحتوى ايجابي تعليمي هادف يرقى بعقولهم ويأخذ بأيديهم الى النور بدلا من الضياع في دوامات رقمية فارغة.
أما معلمة علوم الأرض في احدى المدارس الحكومية، هبة الخطيب، فقد دربت المعلمات على التعامل مع المنصات التعليمية فترة جائحة كورونا فكانت من أوائل من فعلوا التكنولوجيا في التعليم، وخاصة في ظل محدودية الإمكانيات وتدني قدرة عدد من المعلمات على استخدام الحواسيب بالنظر لتقدمهن في السن، كما قدمت دورة تدريبية حملت اسم الاسبوع الرقمي تحت اشراف تربوي.
وذكرت انضمامها لفريق “ميكروسوفت الأردن” الذي انشأته إحدى معلمات لواء الجامعة، حيث فازت العام الماضي بلقب “معلم مايكروسوفت خبير” مع حوالي 50 معلمًا، لتصبح بعد ذلك مدربًا للتطبيقات التعليمية على مستوى الوطن العربي.
من جانبه، بين مدير مديرية الإشراف والإسناد التربوي في وزارة التربية والتعليم جمعة السعود، أن الإدارة المعنية بتنفيذ برامج التنمية المهنية، هي إدارة الإشراف والتدريب والتي تضم ثلاث مديريات أولها مديرية السياسات وبرامج التنمية المهنية، وثانيها مديرية الإشراف والإسناد التربوي، ومديرية المتابعة والتقييم وضبط جودة التدريس، حيث يتم رسم سياسة التنمية المهنية من خلال مديرية سياسات التنمية المهنية وتنفذ من خلال مديرية الإشراف والإسناد التربوي على مستوى المملكة وتتابع برامج التدريب وجودتها من خلال مديرية المتابعة والتقييم وضبط الجودة.
وأضاف، هذه البرامج التدريبية تبنى حسب أسس ومعايير تم تطويرها تحت مسمى الميثاق الوطني للمعلم وفق نوعين المعايير العامة أو ما يطلق عليها التربوية يشترك فيها جميع المعلمين بصرف النظر عن تخصصاتهم، والجزء الآخر يمثل المعايير التخصصية التي تبنى وفق تخصص المعلم وتحوي هذه المعايير اربعة مستويات للمعلم على مدار مساره الوظيفي بحيث تدرج من مسار المعلم المبتدئ ثم المعلم ثم معلم خبير وآخرها معلم قائد.
وأشار إلى أن هذه البرامج تنفذ في الميدان التربوي بمديريات التربية على حساب وزارة التربية والتعليم إذ لابد للمعلم الملتحق في البرنامج التدريبي أن يحقق شروط اجتياز البرنامج التدريبي المتمثلة بتحقيق نسبة 90% حضور لأيام البرنامج، والمشاركة والتفاعل أثناء التدريب، ومهام عملية يطبقها المعلم أثناء التدريس في الغرفة الصفية تضمن ممارسة المعلم للكفايات والمهارات التي تعلمها أثناء تدريبه تحت متابعة المشرف التربوي، ومن ثم خضوعه لاختبار نظري تمهيد لحصوله على شهادة المشاركة ويستفيد المعلم من الالتحاق بهذه البرامج تنمية وبناء قدراته، الاستفادة من نظام الرتب والعلاوات الممنوحة وفقه.
هذه البرامج التدريبية، وفقًا للسعود تكسب المعلمين كفايات ومهارات مرتبطة بإستراتيجيات التعليم الحديثة واستراتيجيات الإبداع والإبتكار، وأخرى للتقييم لتحسين أداء الطلبة، بعد أن تكشف علاماتهم في المواد عن الفجوات التي من الواجب الإلتفات إليها، وأيضا على المشرف التربوي تحسس الثغرات الموجودة لدى المعلمين حتى يقوم بتنفيذ خطط علاجية لتحسين أدائهم ما ينعكس على أداء الطلبة.
وأكد في السياق، أهمية طبيعة الغرفة الصفية ومستويات الطلبة في تحديد الاستراتيجيات التعليمية المتبعة لتحقيق الهدف من الحصة التعليمية، مشيرًا في ذات الوقت انه لا يوجد استراتيجية فضلى على المعلم اعتمادها طوال الوقت إذ انه صاحب القرار في اتباع هذه الأساليب.
وترتبط العملية التعليمية بشكل وثيق مع الأساليب التدريسية المستخدمة، فكلما كانت طريقة التدريس المستخدمة حديثة وفعالة ومشوقة سيكون الأداء داخل الغرف الصفية فاعل وجاذب أكثر لانتباه الطلاب، هذا ما أوضحه أستاذ علم النفس التربوي في جامعة اليرموك الدكتور فيصل الربيع بحيث يزيد الاندماج والانغماس في التعلم مما ينعكس على تحصيل الطلاب ومشاركتهم في المهام الانشطة المدرسية بشكل ايجابي بما يؤمن الوصول الى مستوى متقدم في العملية التربوية.
وركز الدكتور الربيع على ضرورة توفير البيئة المحفزة للإبداع والممكنة لممارسة الأساليب التعليمية الحديثة وتوظيف التكنولوجيا، كتوفير الألواح الذكية على سبيل المثال له والأجهزة التقنية الحديثة الأخرى وتدريبهم على استخدامها، إضافة إلى الدعم المادي والمعنوي الذي تترجمه وزارة التربية والتعليم في مسابقة المعلم المتميز.
الابتكار والتجديد عنصران أساسيان في العملية التعليمية، بين أهميتهما أستاذ أساليب تدريس العلوم ومناهجها الدكتور محمود الوهر، على اعتبار المعلم المبدع نواة إنتاج جيل واع ومثقف قادر على التفكير والإبداع خاصة في المجتمعات العربية التي تسود أغلبها ظروف مادية صعبة.
وأشار إلى مفهوم أساسي في هذا الجانب تبنته وزارة التربية والتعليم في وقت سابق تحت اسم “اقتصاد المعرفة” وهو مصطلح يعرف بأنه الاقتصاد القائم على أن يكون المجتمع منتج للمعرفة والمعلومات والاختراعات والإبداع وأن يسوق هذه المعرفة المنتجة بحيث تكون مصدر دخل أساسي لهذا المجتمع.
–(بترا)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى