منوعات

أسواق الملابس المستعملة تتحول إلى وجهة رسمية لفقراء وأغنياء تونس

تحوّلت أسواق الملابس المستعملة “الفريب” في تونس إلى وجهة رسمية لضعاف الحال وحتى للطبقات المتوسطة لمواجهة غلاء الأسعار وتدهور قدرتهم الشرائية.
وعلى الرغم من أن البلاد افتتحت منذ غرة فبراير/ شباط الجاري موسم التخفيضات الشتوية في مختلف المحال التجارية، إلا أن الإقبال على أسواق الملابس المستعملة أو ما يعرف في تونس بـ”الفريب” لم يتناقص، بل إنه ازداد كثافة ربما تصديقا للمعلومات التي راجت في تونس عن أن هذا القطاع سيندثر بحلول العام 2025 نتيجة الجائحة الصحية العالمية التي أثرت سلبا على عمليات التزويد.
رحمة للفقراء
في قلب العاصمة التونسية، يتنافس باعة “الفريب” في سوق سيدي البحري على إعلاء أصواتهم ترويجا لملابسهم المستخدمة التي يستقدمونها من تجار البيع بالجملة الذين ينشطون في مختلف محافظات الجمهورية.
وليس على المواطنين سوى التزود بالصبر لإيجاد ما يناسبهم من ثياب وأحذية وحقائب وأغطية وستائر وحتى ألعاب الأطفال ومواد منزلية مستخدمة فالقاعدة الأساسية هي “لا شيء غير قابل للبيع في الفريب”.
تقول فاطمة لـ “سبوتنيك”، إنها تعودت على قضاء حاجياتها من سوق الملابس المستعملة، وأنها تعيش حرفيا من “الفريب”.
وذكرت فاطمة أن غلاء المعيشة هو السبب الرئيسي الذي يدفع الناس إلى اقتناء حاجياتهم من أسواق الملابس المستعملة، مشيرة إلى أن العائلات محدودة الدخل لا تقوى على شراء الملابس الجديدة سواء في الأيام العادية أو حتى خلال موسم التخفيضات.
وتحدّث توفيق لـ “سبوتنيك” قائلا: “لا يمر يوم دون أن أمرّ فيه على أسواق الملابس المستعملة ودون أن أشتري قطعة أو اثنتين من الملابس لي ولبناتي”.
ويرى توفيق أن المحلات التجارية تعتمد أحيانا أسعارا غير حقيقية خاصة في موسم التخفيضات، بينما يحافظ الفريب دائما على أسعاره التي تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، فضلا عن كونه يعرض سلعا من ماركات أصلية، وفقا لقوله.
وأضاف: “حينما تشتري حذاء من المحلات التجارية لن يبقى معك أكثر من شهر واحد لأنه يستخدم غراء خفيفة، في حين أن الحذاء الذي تشتريه من الفريب رغم أنه مستخدم فهو يدوم معك عامين أو ثلاثة أو إلى حين تنفر منه فت
وقال المتحدث إن هذه الأسواق لم تعد حكرا على الفقراء، إذ صار يقصدها الجميع ليس بحثا عن تدني السعر فقط وإنما عن الجودة، مضيفا “لي ابنتان تمتلك كل واحدة منهما ما لا يقل عن 20 حذاء اشترتاه من الفريب، حتى صارتا في حيرة من أمرهما عند انتقاء ملابسهما “.
وكغيره من المئات من التونسيين، يخشى توفيق أن تندثر أسواق بيع الملابس المستعملة من تونس، قائلا “لا يمكن تخيل أسواق سيدي البحري ونهج سالين والحلفاوين التي تكتظ بأكوام الملابس دون فريب”. وأضاف ضاحكا “صرت أخزّن قطع الملابس من اليوم استعدادا لتلك اللحظة”.
مورد رزق لمئات العائلات
وقال عز الدين حزي وهو بائع ملابس مستعملة، لـ “سبوتنيك”، إن الفريب لم يعد حكرا على الفقراء، وإنما هو وجهة الفقير والغني على حد السواء نظرا لكون أسعاره في متناول الجميع.
وأضاف: “أسعارنا معقولة وهي تختلف باختلاف السلع، فالقمصان لا تباع بنفس ثمن الفساتين أو السراويل أو المعاطف، ولكنها لا تتجاوز ثلاثة دنانير (ما يعادل دولارا أمريكيا) في المجمل”.
وأكد عز الدين أن الإقبال على أسواق الملابس المستعملة مازال مرتفعا حتى في فترة التخفيضات الشتوية، قائلا “يفضل المواطنون الفريب على المحلات التجارية بسبب انخفاض السعر وأيضا لأن الجودة تختلف، فهنا تجد ماركات عالمية من الصنف الأول، بينما تعرض المحلات ماركات من الصنف الثاني”.
وبيّن أن الحلقة الأولى تنطلق من المصانع التي تتولى مهمة فرز الملابس ومختلف السلع المستعملة الأخرى حسب الصنف، ثم تمر إلى تجار البيع بالجملة الذين يبيعونها إلى وسطاء يبيعونها بدورهم إلى “النصابة” (باعة الملابس المستعملة ) .
ووفقا للغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة فإن أكثر من 200 عائلة تونسية تسترزق من هذا القطاع، من بينهم 8 آلاف من حاملي الشهادات الجامعية.
قطاع مهدد بالاندثار !
وتحذر نقابة تجار الملابس المستعملة في تونس من أن قطاع “الفريب” مهدد بالاندثار بحلول سنة 2025، نتيجة الجائحة التي ضربت جميع بقاع العالم.
وأكد رئيس الغرفة الوطنية لتجار الملابس المستعملة، الصحبي المعلاوي، لـ “سبوتنيك” أن الفريب قد يختفي في غضون 3 سنوات من اليوم بسبب تعطل عمليات التزويد من أوروبا، مشيرا إلى أن مخزون تونس من الملابس المستخدمة يتناقص تدريجيا.
ولفت إلى أن بعض الدول الأوروبية على غرار فرنسا وإيطاليا فتحت بدورها محلات لبيع الملابس المستخدمة نتيجة تراجع القدرة الشرائية لمواطنيها بسبب الجائحة الصحية التي أفقدت عددا كبيرا منهم عملهم.
ووفقا للمعلاوي، فإن أكثر من 90 بالمائة من التونسيين يقتنون الملابس من الفريب. وتستورد تونس سنويا ما لا يقل عن 10 آلاف طن من الملابس المستعملة توجه إلى مصانع الفرز والتحويل والتوزيع وعددها 50 ويوجه أكثر من ثلث هذه الكميات إلى أسواق “الفريب”، بينما توزع البقية على مسالك التصدير أو إلى مصانع الوسائد.
المصدر: sputniknews.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى