منوعات

العيد وأنت بعيد.. شوقٌ لـ “عجقة” الأهل وتفاصيل أخرى

هناك على بُعد مسافاتٍ وحدودٍ ومطارات، تستيقظ مشاعر المغتربين من غفوتها، وتسودُ الوحشة ليلة العيد الذي يُفترض أن يكون سعيدًا، يتجولون في شوارع وأزقة لا تُشبه بلادهم، باحثين بين الوجوه والتفاصيل الغريبة عن عالمٍ آخر عنوانه “عجقة الأسواق، ولمّة الأهل ونكهة الكعك”، فهل يجدون ضالتهم؟
كثيرة هي الطقوس والمظاهر التي اعتادها فلسطينيو قطاع غزة خلال موسم الأعياد، لكنّ ثمة أناس قُدر لهم مغادرة بلادهم لأسبابٍ مختفلة، لتحلّ عليهم هذه المناسبة وهم تحت مسمى “مغتربين”، يشتاقون إلى تفاصيل البهجة برفقة الأهل والأصدقاء، لكن لقد غاب كل شيء وحضر الحنين!
فرحة غير مكتملة..
الشابة آية إياد الطيّب التي تعيش منذ أعوام برفقة زوجها في بلجيكا، تقول: “إن المسلمين في دول أوروبا، محرومين من مظاهر الأعياد الإسلامية المتمثلة بتكبيرات العيد وصلاة العيد وصلة الأرحام”.
“الأهل، هم روح العيدِ وجماله” بهذه الكلمات تُكمل حديثها مع “وكالة سند للأنباء” ولولا وجود منصات التواصل الاجتماعي التي أتاحت لها سهولة الاتصال بهم والشعور بقربهم، لتحوّل العيد إلى “جحيم”.
وتُتابع: “أقطن برفقة عائلتي في مدينة ليس بها مسجد وبالتالي لن يكون هناك تكبيرات عيد ولا صِلة رحم، ولا أي مشهدٍ من المشاهد التي وعينا عليها في غزة وأَلفناها”، مشيرةً إلى عدم وجود يوم عطلة في العيد، ما يعني قضاء أوقاتهم في العمل والدراسة.
وتتُابع فيديوهات العيد عبر مواقع التواصل بتأثرٍ شديد وبكاء، مُردفةً أن ثمة شعور غريب -على حدِّ وصفها- ينتابها حين ترى طقوس أهلها وأصداقها على الإنترنت، مؤكدةً أنها بهذه المشاعر لم تغادر بلادها على الإطلاق!
وبالرغم من ذلك تحاول “الطيّب” برفقة زوجها تهيئة منزلهم لاستقبال الأعياد بما يملكون من مقومات، عن ذلك تُحدثنا: “نبذل قصار جهدنا لأن نهوّن على بعضنا مرارة الغربة، من خلال الزينة وإعداد أكلاته، والتواصل مع الأهل والأصدقاء ومعايدتهم”.
وتُعزز أجواء الفرحة في منزلها من خلال تخزين السمك المملح المعروف بـ “الفسيخ” قبل شهرين من قدوم العيد؛ لعدم توفره في بلجيكا، ليكون إفطارهم أول أيام العيد صباحًا، أمّا عن السماقية فهي حاضرة على الغداء، كما يُزين الكعك والمعمول الطاولة طوال الوقت في حضرةِ أصوات تكبيرات العيد المنبعث من شاشة التلفاز.
وتختم آية الطيب حديثها معنا: “قد لا يزورني في يومِ العيد أحد، ولكن لن أمنع العيد من زيارتي في بيتي وقلبي”.
وفي ماليزيا، تقطن إسلام الهبيل برفقة زوجها وطفليها ورغم وجودهم في دولة إسلامية ولها طقوسها الاحتفالية إلا أنها تقول: “ثمة فرحة منقوصة في العيد خارج البلاد، كاجتماع الأهل، وضجيج الأسواق، وفرحة الأطفال في الشوارع.. لا أحد يدرك مرارة الغربة إلا من ذاقها”.
وتُضيف “الهبيل” لـ “وكالة سند للأنباء”: “نحاول تجاوز هذه المرارة، عبر استحضار تقاليدنا التي يمكن تطبيقها خارج البلاد، مثل صناعة حلويات العيد، وتوزيع العيدية على الأطفال، والملابس الجديدة”.
وتصف هدايا العيد التي تصل للمغتربين من ذويهم وأصدقائهم بـ “الفرحة المبهِجة”، لافتةً إلى أن ذلك يُعيد ترميم الذاكرة بما تملك من تفاصيل قديمة للأعياد في حضرةِ الوطن.
وتستذكر “الهبيل” قول الشاعر “كل غريب للغريب نسيب”، معقبةً: “المسلمون يتجمعون هنا مع بعضهم البعض كعائلة واحدة في العيد، يتبادلون التهاني، والحلويات، وعيديات الأطفال، وهذا أيضًا يهوّن علينا”.
حال “الطيب” و”الهبيل” في العيد تتشاركه معهما، الطالبة نجلاء السكافي التي تعيش في تركيا منذ ثلاثة أعوام لاستكمال دراستها العليا.
“للعيد أجواء في بلادنا أجواء ومظاهر مختلفة تمامًا”، بهذه الكلمات عبّرت “السكافي” عن شعورها حين سألتها مراسلة “وكالة سند للأنباء” عن أجواء العيد في الغربة.
وتستطرد: “مساجدها تظّل تصدح بالتكبيرات ليلة العيد، وأصوات المفرقعات والألعاب النارية تعلو في الشوارع، بالإضافة لمظاهر الاحتفال في المولات والأسواق، ناهيك عن لمة الأهل والأحبة ورائحة الكعك والمعمول التي تنبعث من نوافذ غالبية البيوت”.
ماذا عن طقوس العيد في تركيا؟ ترد: “تكمنُ في صلاة العيد، فالأتراك يعتبرون الأعياد مجرد إجازات رسمية يقضونها كأي إجازة أخرى مع الأهل، ويسافر الأبناء الذين يدرسون أو يعملون في ولايات غير التي يسكنون فيها إلى زيارة أهلهم”.
ولدى الأتراك عادات مشابهة للفلسطينيين في احتفالهم بالعيد، كأنواع الحلويات التي يقدموها كالمعمول، إلى جانب البقلاوة بكل أصنافها، و”صلة الأرحام” وزيارة قبور الأقارب بعد الصلاة العيد.
وتختم “السكافي”: “مهما حاولنا التعايش والاندماج في البلد الذي نسكنه، تبقى فرحة العيد في غزة بكل تفاصيلها، مميزة عن غيرها من الدول، رغم بساطة معيشتها، يكفيك لمة الأخوات في بيت العائلة في اليوم الثاني للعيد.
المصدر : سند للانباء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى