ثقافة وفنون
أخر الأخبار

كتاب “إضاءات على اكتشافات أثرية حديثة في شمال الأردن” لمؤلفه د. اسماعيل ملحم يسلط الضوء على الأهمية الأثرية لوادي زقيق /حلاوة و اكتشاف منزل ريفي بأرضية فسيفسائية مميزة

22 الاعلامي – صدر حديثاً عن دار الكتاب الثقافي في مدينة اربد كتاب “إضاءات على اكتشافات أثرية حديثة في شمال الاردن” لمؤلفه د. اسماعيل ملحم و شمل الكتاب عرضاً شيقاً لأبرز الاكتشافات الأثرية التي أشرف عليها المؤلف خلال عمله السابق في دائرة الآثار العامة مديرا لمحافظات اربد و عجلون و المفرق.

و من بين أبرز هذه المواقع الأثرية  وادي زقيق المجاور لبلدة حلاوة في محافظة عجلون و المنحدر باتجاه الأغوار الشمالية، و تجري فيه المياه معظم أيام السنة و التي مصدرها الهطول المطري و الينابيع التي من اهمها نبع زقيق، و يوجد في الوادي شلال الرشراش الذي يعد مسقطه الأعلى في شلالات الأردن، إذ  يبلغ ارتفاعه حوالي ٦٠ مترا ًو تستخدم مياه الوادي للزراعة المروية و للشرب، كما يعتبر هذا الوادي مقصداً سياحياً للإستجمام   في فصل الربيع  .

و قد دلت المسوحات الأثرية فيه  على وجود استيطان بشري مستمر منذ العصور الحجرية  و حتى العصر الحالي، و تتوزع المواقع الأثرية على ضفتيه و في مجراه بشكل بقايا معمارية  و كهوف و أقنية مياه و آبار. كما كشفت أعمال التنقيبات الأثرية السابقة التي قامت بها دائرة الاثار العامة في سنة ١٩٩٨ م في موقع الطنطور عن بقايا كنيسة أثرية  من العصر البيزنطي يعود تاريخها لعام ٥٢٥ م وفقاً للنقش الكتابي التأسيسي في ارضياتها الفسيفسائية و الذي يذكر صراحةً اسم بلدة حلاوة القديم (كلاوة) و الدعاء للكهنة المشرفين على بنائها و منهم كبير الكهنة أيوب  و للمتبرعين و هذا نصه : ”  أيها الرب الإله، ساعد الشيخ الأكبر أيوب و مجلس الكهنة و المتبرعين الذين بعنايتهم قدم هذا العمل للكنيسة المقدسة في كلاوة في شهر يوليوس الإشارة الثالثة عشرة سنة ٥٨٨” و تعادل سنة ٥٢٥ م. كما أعيد تجديد بناء هذه الكنيسة في عام ٦٤٢ م وفق نقش كتابي آخر في الأرضية الفسيفسائية.

و في عامي ٢٠٢١ م  و ٢٠٢٢ م تم الكشف في أعلى السفح الشمالي للوادي  قرب محطة ضخ مياه الشرب الرئيسية  عن بقايا منزل ريفي مهم  من العصر البيزنطي ،كان قد تعرض  سابقاً للعبث من قبل لصوص الاثار، و قامت الأجهزة الأمنية مشكورة في حينه باحباط التوسع  بالعبث بارضيته الفسيفسائية و الحفاظ على معظمها، و تمكين فريق دائرة الاثار العامة من الشروع في أعمال التنقيب و الصيانة بإشراف د. ملحم. حيث تبين ان المساحة الإجمالية المكتشفة  لبقايا هذا البيت تبلغ  حوالي ٣٠٠ متراً مربعاً و يتكون من حجرتين رئيسيتين رصفت أرضياتهما بالفسيفساء الملون ذي الأشكال الهندسية و النباتية و صور طيور و أسماك فيما لم يعثر على نقوش كتابية بها، كما يجاور الحجرتين مستودع كهفي صغير، و قد نفذت الأشكال الفنية بجودة عالية من حيث الإتقان و التدرج اللوني و توزيع الألوان، و يغلب ان تاريخ هذا المنزل الريفي معاصر لتاريخ كنيسة الطنطور المؤرخة للقرن السادس الميلادي. و يمثل هذا المنزل المكتشف أحد أشكال البيوت الريفية للطبقة الميسورة في المجتمع البيزنطي في المنطقة، و التي كان يدير أصحابها مزارعهم في الوادي انطلاقاً من هذه البيوت، حيث تدل رسومات قطوف العنب و الطيور و الأسماك على البيئة القديمة في الوادي، التي يفترض فيها وجود مجاري مياه دائمة و زراعات أكثر كثافة من الآن إضافة إلى صيد السمك.

و يوصي د. ملحم بأهمية التوسع في السنوات القادمة في أعمال المسوحات و التنقيب الأثري في مجرى الوادي لاستكشافه و التعرف على تاريخ مواقعه بما يسهم في معرفة تاريخ المنطقة عبر العصور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى