صراع حضاري
فاروق جويدة
منذ سنوات كان الحديث عن الصراع العربي الإسرائيلي يأخذ أشكالا عديدة أهمها الحروب والمعارك.. وكان البعض يؤكد أن هذا الصراع سوف ينتهى إلى مواجهة حضارية.. وأن الصراع الحضارى فى الثقافة والتقدم هو ما تسعى إليه إسرائيل لأنها تدرك أن درجة التقدم بينها وبين الدول العربية يمنحها فرصاً أكبر.. ولقد تحقق هدف إسرائيل واستطاعت أن تقتحم عواصم عربية كثيرة فى ظل علاقات واتفاقات ومصالح.. وبدأت لعبة الصراع الحضارى وكل طرف يبحث عن مصالحه ولاشك أن إسرائيل قد استفادت كثيراً من الواقع العربى وما أصابه من الانقسامات والخلافات وتعارض المصالح.. لقد استغلت حالة التفكك فى العلاقات بين الدول العربية وبدأت تتسلل تحت شعار لغة المصالح.. وظهرت فى الأفق صراعات جديدة فى موقف إيران ودول الخليج والتدخلات الخارجية فى ليبيا والظروف الصعبة التى يعيشها لبنان والحرب الأهلية فى سوريا وداعش فى العراق وما يجرى من كوارث فى اليمن.. لقد وجدت إسرائيل أمامها فرصة تاريخية لكى تمد جسوراً مع العالم العربى تحت شعار تبادل المصالح.. وأن الصراع العربى الإسرائيلى أخذ صورة أخرى.. وأن التطبيع يمكن أن يصبح شيئا عاديا ليس فى قبول الآخر ولكن لا مانع أن يشمل الثقافة والأديان والحوار بكل أشكاله.. إن الشيء المؤكد هو أن انقسام العالم العربى قد منح إسرائيل فرصة ذهبية لكى تتسلل إلى العواصم العربية وتجد ترحيبا منها بل إنها أصبحت شريكا حضاريا وثقافيا وربما دينيا.. وهذه المتغيرات ساعد عليها ظهور حسابات جديدة لقوى من أصحاب المطامع فرضت وجودها ونفوذها على الواقع العربى وهو يعيش أصعب حالاته.. إن الشيء المؤكد هو أن إسرائيل أكثر الرابحين فى لعبة الصراع فى العالم العربى.. وإنها الآن تجنى ثمار خطط ومؤامرات وصلت بها إلى ما هى فيه من مصادر القوة والنفوذ ولهذا انتشرت فى العواصم العربية تجنى الثمار.. إن الحديث عن الصراع العربى الإسرائيلى الآن أصبح قضية خارج السياق حتى قضية فلسطين خسرت الكثير أمام انقسام العالم العربى ولم تعد كما كانت قضية العرب الأولى..
الاهرام