مقالات

حسناً فعلت الحكومة، ولكن ماذا بعد؟

22 الإعلامي- عمر عليمات

حسناً فعلت الحكومة بتعاملها مع تحقيق حادثة العقبة وشفافيتها في إعلان وجود عجز كبير وتقصير في إجراءات السلامة والتعامل مع المواد الخطرة في ميناء العقبة، وأن إسناد الأمر لغير أهله كارثة حقيقية بكل ما تعني الكلمة.

إعلان الحكومة تفاصيل نتائج التحقيق للرأي العام بوقت قصير يُسجل لها، إلا أن هذا الأمر يبقى رد فعل لحادثة راح ضحيتها أرواح بشر ومئات الإصابات، ولولا العناية الإلهية التي شاءت أن تكون الرياح معاكسة لاتجاه مدينة العقبة لحدث ما لا يحمد عقباه.

حادثة من هذا النوع يجب أن تكون جرس الإنذار الأخير للحكومة الحالية أو لمن ستأتي بعدها، والمطلوب أكبر بكثير من مجرد معرفة المقصر والمهمل وتحويله للقضاء، بل إعادة فتح ملف حوكمة إجراءات السلامة العامة في كافة المواقع، وخاصة تلك التي لا مجال لوقوع الخطأ فيها، مثل ميناء العقبة ومصفاة البترول ومحطات المياه والكهرباء، فهذه الأماكن هامش الخطأ فيها يجب أن يكون معدوماً تماماً، فأي حادث بسيط قد يكون له تباعات وتداعيات غير متوقعة.

اليوم وقد ظهرت نتائج التحقيق أن السبب الرئيسي وراء حادثة العقبة هو العجز الكبير في إجراءات السلامة، يتضح جلياً أن سياسة «ماشية» هي الدارجة حتى حدث ما حدث وفقدنا ما فقدناه من أرواح وقُضي الأمر، فلن يعود الموتى لعائلاتهم وإن أُقيل كافة مسؤولي العقبة، لذا فإن المطلوب أن تعمل الحكومة في الفترة المقبلة وبشكل صارم على مراجعة كافة إجراءات السلامة العامة في جميع المنشآت الحيوية والتأكيد من أن جميع مؤسساتنا لديها فرق تفتيش ذات كفاءة عالية ومؤهلة تتابع إجراءات حوكمة واضحة لرصد أي خلل والتعامل معه بشكل استباقي.

الأمر الآخر الذي أظهره التحقيق هو أن القيادات العليا والوسطى في شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ ليس لديهم ممارسات قيادية، وإسناد بعض المهام إلى موظفين غير مختصين، ولعل هذا مكمن المشكلة.

إشكالية الإدارة والتعيينات أصبحت تؤرق الجميع.

نعم نشكر الحكومة على تقريرها الذي وضع يده على كافة مكامن الخلل ولم يبرر أو يجد كبش فداء لتحميله المسؤولية، وهذا الأمر بداية صحيحة إن تبعتها خطوات أخرى، ولكن ما نريده حقاً أن تكون هذه الحادثة سبباً في إعادة التفكير جدياً في آليات التعيين والتوظيف والتأكد من أن الموظف المناسب في المكان المناسب، وألا ينتهي الأمر عند شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ بل أن يكون هناك تحقيق واسع في كافة التعيينات وأن تكون البداية في المؤسسات الحيوية والمهمة.

بالمحصلة فإن التقرير لم يأت بمفاجأة، وإن كانت حادثة العقبة أمراً لا يمكن السكوت عليه ولملمته فهناك مئات التعيينات لأشخاص غير مؤهلين وهؤلاء يرتكبون كل يوم مصائب وكوارث لا يعرف عنها أحد، ولكن نتائجها ظاهرة على مؤسساتنا.
الدستور


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى