مقالات
أخر الأخبار

السمردلي يكتب: الأثر الديمقراطي لمواد الدستور الأردني حول سلطات الملك والبرلمان

22 الاعلامي – بقلم فادي زواد السمردلي
تبرز أهمية الدساتير في أي نظام حكم كونها الوثيقة الأساسية التي تحدد السلطات والصلاحيات والواجبات وتضع إطارًا قانونيًا لعمل السلطات الحاكمة وفي الأردن يشكل دستور عام 1952 النص الأساسي الذي يحدد دور جلالة الملك ومجلس النواب والسلطات الأخرى في البلاد وتمر هذه الوثيقة بتعديلات متكررة لتتناسب مع التطورات السياسية والاجتماعية مما يجعل من تحليلها ضرورة لفهم البنية القانونية والسياسية للدولة.
إن الدستور الأردني يعكس مسار البلاد نحو تعزيز الديمقراطية وتحقيق الاستقرار وذلك من خلال توزيع السلطات وتحديد صلاحيات كل منها بشكل دقيق وواضح وفي هذا السياق يأتي تحليل المواد ذات الصلة بسلطات الملك ومجلس النواب كخطوة أساسية لفهم كيفية عمل الحكومة والسلطات الأخرى في الأردن وتفاعلها مع بعضها البعض ومع المواطنين.
من هذا المنطلق، سيستعرض هذا المقال المواد ذات الصلة بسلطات جلالة الملك ومجلس النواب في الدستور الأردني وسيحلل دور كل منهما ومدى تأثيرهما على العملية السياسية والديمقراطية وسيتم التركيز على الأحكام التي تنظم عملية الانتخابات وتشكيل الحكومة بالإضافة إلى الإجراءات المتعلقة بحل مجلس النواب وتشكيل مجلس جديد، مما يسلط الضوء على آليات تعزيز الاستقرار السياسي وتعزيز الديمقراطية في الأردن ويهدف هذا التحليل إلى إلقاء الضوء على البنية الدستورية وفهم كيفية عمل السلطات الرئيسية، وبالتالي تعزيز الوعي السياسي والمشاركة المدنية في البلاد.
وتعد المادة (34) من الدستور الأردني أحد الأركان الرئيسية التي تنظم سلطات جلالة الملك وتحدد صلاحياته وتُعتبر هذه المادة من أهم المواد التي تضمن استقرار العملية الانتخابية وتعزز دور الملك إدارة الشؤون السياسية في البلاد.
أولاً، تنص المادة على أن الملك هو الذي يصدر الأوامر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب مما يؤكد دوره الأساسي في تنظيم عملية الانتخابات وبموجب هذه الصلاحية يمكن للملك أن يحدد توقيت الانتخابات ويصدر الأوامر اللازمة لتنظيمها مما يسهم في ضمان تحقيق إرادة الشعب.
وتؤكد المادة أيضاً على أن الملك هو من يدعو لعقد جلسات مجلس النواب وتمنح المادة أيضًا الملك صلاحية حل مجلس النواب مما يعني أنه يمكنه في حالات معينة تعليق عمل المجلس وإجراء انتخابات مبكرة وذلك في حالة الضرورة القصوى أو عدم قدرة المجلس على القيام بواجباته بشكل ملائم وهذه الصلاحية تعكس دور الملك كضامن للاستقرار السياسي في البلاد.
باختصار، فإن المادة (34) تعتبر الركيزة الأساسية التي تضمن دور الملك في تنظيم الحياة السياسية وتوجيه العملية الديمقراطية في الأردن وتعزز استقلالية السلطة التشريعية وتحقيق التوازن بين السلطات الرئيسية في البلاد.
اما المادة (68) من الدستور الأردني فهي أحد الأركان الرئيسية التي تنظم مدة وإجراءات الانتخابات لمجلس النواب وتسهم في ضمان استمرارية العملية الديمقراطية وتجديد الهيئة التشريعية بشكل منتظم فالمادة تنص على أن مدة مجلس النواب تبلغ أربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخابات العامة في الجريدة الرسمية وتعتبر هذه المدة فترة مناسبة لإنجاز الأعمال التشريعية وممارسة الرقابة على الحكومة وتسمح بتجديد الهيئة التشريعية بشكل دوري ومنتظم.
وتمنح المادة للملك صلاحية تمديد مدة مجلس النواب بإرادة ملكية لمدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد عن سنتين وذلك في حالة الضرورة أو الظروف الاستثنائية التي تستدعي تمديد فترة عمل المجلس وتلزم المادة بضرورة إجراء الانتخابات خلال الأشهر الأربعة التي تسبق انتهاء مدة مجلس النواب، مما يضمن تجديد الهيئة التشريعية وتوفير فرصة متساوية للمواطنين للمشاركة في العملية الديمقراطية وفي حالة تأخر الانتخابات بسبب أي سبب فإن المجلس النواب الحالي يبقى قائماً حتى إجراء الانتخابات الجديدة مما يضمن استمرارية العملية التشريعية اي ان المادة (68) تعتبر الضامن الأساسي لاستمرارية العملية التشريعية والرقابية في الأردن وتضمن إجراء الانتخابات بشكل منتظم وفقاً للمدة المحددة دستورياً مما يعزز الشرعية والشفافية في عملية انتخاب النواب وتشكيل السلطة التشريعية في البلاد.
والمادة (74) من الدستور الأردني تعتبر بمثابة آلية تنظيمية مهمة تتعلق بحل مجلس النواب وتشكيل مجلس جديد في حالات معينة فالمادة توضح على أنه في حالة حل مجلس النواب لأي سبب فلا يجوز حل المجلس الجديد لنفس السبب وهذا يعكس مبدأ عدم تكرار الأخطاء وضمان عدم تكرار الظروف التي أدت إلى حل المجلس في الأساس وهذا يعزز الاستقرار ويمنع الاستغلال السياسي للظروف التي تستدعي حل المجلس وتؤكد المادة على أن الحكومة التي يحل معها مجلس النواب قبل الأشهر الأربعة الأخيرة التي تسبق انتهاء مدة المجلس يجب أن تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها هذا يعكس مبدأ المسؤولية السياسية وضمان استقلالية عملية تشكيل الحكومة عند حل المجلس وتلزم المادة أي وزير ينوي الترشح للانتخابات بالاستقالة قبل ستين يومًا على الأقل من تاريخ الانتخاب لمنع التضارب في الصلاحيات بين عضو في الحكومة وعضو في مجلس النواب
بالمحصلة تُعد المادة (74) ميثاقًا دستوريًا لضمان استمرارية العملية الديمقراطية وتوازن السلطات في الأردن
في الختام يظهر أن المواد (34)، (68)، و (74) من الدستور الأردني تشكل أساساً قانونياً هاماً في تنظيم سلطات الملك ومجلس النواب وتعزز استقرارية العملية السياسية والديمقراطية في البلاد وتؤكد هذه المواد على دور الملك في تنظيم العملية الانتخابية وتضمن توزيع السلطات وتنظيم الانتخابات بانتظام وشفافية.
بالإضافة إلى ذلك فإن المواد المذكورة تضع آليات لحل مجلس النواب وتشكيل مجلس جديد في حالات معينة مما يعزز استمرارية العملية الديمقراطية ويضمن التجديد الدوري للهيئة التشريعية بشكل شرعي وشفاف ومن خلال تفعيل هذه الآليات يتم تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة وتحقيق استقرار السلطات
بهذا فإن تطبيق واحترام هذه المواد يسهم في تعزيز الثقة في النظام السياسي وتعزيز الشرعية والشفافية في عملية الحكم. وبالتالي يمكن القول إن المواد المذكورة تمثل أساساً قانونياً قوياً يعزز الديمقراطية في الأردن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى