
22 الاعلامي – بقلم فادي البوري
تعد ذكرى تعريب قيادة الجيش الأردني واحدة من أبرز المحطات الوطنية التي شكلت منعطفًا مهمًا في تاريخ الأردن الحديث. ففي الأول من مارس عام 1956، اتخذ المغفور له الملك الحسين بن طلال –طيب الله ثراه– قرارًا شجاعًا يقضي بإنهاء خدمات الجنرال البريطاني جون باغوت كلوب (كلوب باشا) من منصبه كقائد عام للجيش العربي، إلى جانب عدد من الضباط البريطانيين، وتسليم قيادة الجيش للضباط الأردنيين. جاء هذا القرار تتويجًا لنضالات الأردنيين في سبيل استكمال استقلال البلاد وترسيخ السيادة الوطنية الكاملة، حيث كانت القيادة العسكرية قبل ذلك الوقت خاضعة للنفوذ البريطاني رغم استقلال الدولة السياسي عام 1946. لقد كان قرار التعريب خطوة استراتيجية لتعزيز الهوية الوطنية، وتعميق الشعور بالكرامة والاستقلال لدى أبناء القوات المسلحة. لم يكن القرار مجرد إجراء إداري، بل كان تعبيرًا واضحًا عن إرادة الشعب الأردني في بناء جيش وطني مستقل يعتمد على أبنائه في حماية أرضه وسيادته. قوبل هذا القرار التاريخي بفرحة شعبية عارمة، حيث خرجت الجماهير في مختلف مناطق المملكة تعبيرًا عن دعمها للملك الحسين وثقتها في قدرة الضباط الأردنيين على قيادة الجيش. وقد شكل تعريب الجيش نقطة تحول جوهرية في مسيرة بناء الدولة الأردنية الحديثة، حيث أسهم في رفع الروح المعنوية لدى أفراد القوات المسلحة، ورسخ الانتماء الوطني، وأتاح الفرصة للكوادر الأردنية لتولي المناصب القيادية. كما انعكس هذا القرار على أداء الجيش الأردني، الذي أصبح نموذجًا في الاحترافية والانضباط، وساهم في الدفاع عن قضايا الأمة العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. ولا تزال هذه الذكرى محطة فخر لكل الأردنيين، حيث يُحتفى بها سنويًا لاستذكار شجاعة القيادة الهاشمية وحكمة الملك الحسين في اتخاذ هذا القرار المصيري. لقد أثبت تعريب الجيش أن الاستقلال الحقيقي لا يكتمل إلا بسيادة القرار الوطني في جميع المجالات، وخاصة في المؤسسات العسكرية، التي تمثل رمزًا للعزة والكرامة الوطنية.